نموذج طلب مراجعة لدي المحكمة العليا دائرة الطعون الادارية
لدى المحكمة القومية العليا - دائرة الطعون الإدارية- الخرطوم.
فيما بين:
عقيد شرطة/ ......... (طالب المراجعة)، وعنوانه مقر مكتب محاميه.
/ضد/
(1) رئيس الجمهورية(مراجع ضده أول)، وعنوانه بواسطة وزير العدل.
(2) وزير الداخلية(ممراجع ضده ثاني)، وعنوانه بواسطة وزير العدل.
ط إ/../2017م
م ع/ط إس/../2022م
طلب مراجعة
السادة/ رئيس وأعضاء دائرة المراجعة.
(السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته)
بكل إحترام وتقدير، ونيابة عن طالب المراجعة. نتقدم لعدالة محكمتكم الموقرة بعريضة مراجعة للحكم الصادر من الدائرة الإستئنافية في المحكمة العليا، وذلك للأسباب الآتية:
(أولاً) الأسباب الشكلية:
1. الحكم المراد مراجعته صدر بتاريخ 13/06/2022م، وتم الإبلاغ بالحكم بتاريخ 31/07/2022م.
2. إعمالاً لنص المادة 14/(1، 3، 4، 5) من قانون القضاء الإداري لسنة 2005م تعديل لسنة 2017م، تقديم الإستئناف للدائرة الإدارية يكون خلال ثلاثون يوماً تبدأ من اليوم التالي لتاريخ إعلان طالب المراجعة بالحكم موضوع المراجعة، وبإذن من رئيس القضاء.
بناء عليه، تاريخ تقديم طلب المراجعة يكون في أو قبل يوم 30/08/2022م.
(ثانياً) الأسباب الموضوعية.
بحسبما أشار إليه الحكم المراد مراجعته، ودون إسهاب وإختزال لما أورده الحكم الصادر بإجماع الدائرة الإستئنافية، ولتجاوز تكرارها، ولبيان وجه الأسباب الموضوعية للمراجعة بحسبما أورده الحكم في الإستئناف أن مذكرة الإدعاء وهي عريضة الدعوى خالية تماماً من ذكر إسم القانون الذي خالفه القرار الإداري، وحيث ذات الحكم أشار للفقرة الثالثة من العريضة(عريضة الطعن الإداري)، ومن ثم بعدهّ الدائرة الإستئنافية طرحت سؤال ما هو القانون الذي خالفة المستأنف ضده؟ وفي أي مادة من مواد القانون كانت المخالفة؟ وفي ظل أي مادة كانت إساءة إستخدام السلطة والإنحراف بها؟ ومن ثم حكم الإستئناف طرح إجابة إستناداً على نص المادة 73/11 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م.
لبيان ما أشار إليه حكم الإستئناف، نشير للآتي:
1. طالب المراجعة تقدم بدعواه الإدارية عريضة طعن إداري بتاريخ 04/05/2017م، وضمن الفقره الثالثة أورد الآتي:(إحالة الطاعن للتقاعد بالمعاش بموجب القرار الجمهوري، إنهاء من العمل والوظيفة العامة بطريق غير التأديب والمحاكمة، لأن الطاعن وفقاً لنص المادة 32/(و) قانون شرطة السودان لسنة 2008م لم يواجه بأية تدابير إجرائية متخذة من اللجنة الثلاثية المشكلة من المدير العام لقوات الشرطة).
إذن طالب المراجعة هنا أشار للقانون الذي خالفة المستأنف ضده(قانون شرطة السودان لسنة 2008م)، وأشار إلى المادة من مواد القانون التي كانت عليها المخالفة(المادة 32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م)، وأشار للمادة من القانون التي في ظلها كانت إساءة إستخدام السلطة والإنحراف بها(المادة 32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م).
2. لأن طالب المراجعة(الطاعن) أخذ العلم الحقيقي بالقرار الإداري المطعون فيه، لتسليمه صورة القرار الإداري المطعون فيه من المطعون ضده الأول دون إرفاق توصية وزير الداخلية، فإنه من حيث إجراءات الدعوى الإدارية الطاعن طبقاً لنص المواد 10، 11 من قانون القضاء الإداري لسنة 2005م مقروءة مع المادة 75 قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م، تقدم لمحكمة الموضوع بطلب بيانات تكميلية تفصيلية لتسليم الطاعن توصية وزير الداخلية الواردة في صدر القرار الإداري موضوع الطعن الإداري. ولتمكين الطاعن من بيان وجه المخالفة للقانون والإنحراف بالسلطة وإساءة إستخدامها، الطاعن في طلب التفاصيل أشار صراحة لنص المادة 32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م، وإلتمس تسليمه مستندات أعمال اللجنة الثلاثية المنشئة لسلسلة الأعمال التحضيرية لإصدار القرار الطعين فيه (المطعون فيه).
3. من خلال تبادل المذكرات لمرحلة السماع العام لدعوى الطعن الإداري(عريضة الدعوى (الهجومية) + طلب التفاصيل(التوضيحية) + مذكرة دفاع المطعون ضدهم(الدفاعية) + الرد على الدفع من القانون والتعقيب الموضوعي للطاعن(الشارحة والمفسرة لمجمل عريضة الدعوى)، يثبت المحضر أن طالب المراجعة أشار للمبادئ من القانون والمقررة بالسوابق القضائية لأوجه مخالفة القانون وإساءة إستخدام السلطة والإنحراف بها. لأنه طبقاً لنص المادة 32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م، طالب المراجعة لم يتاح له ضمانات المناقضة والمواجهة لإجراءات أعمال اللجنة الثلاثية في التحري والتحقيق عن ما ورد وجاء في توصية وزير الداخلية من وقائع(كيديه) كذوبة لا تحتمل التصديق، وفشل الدفاع في تقديم المستندات المؤيدة لتوصية وزير الداخلية. وذلك لأن اللجنة الثلاثية لم تتيح لطالب المراجعة ضمانات الحق في السماع العادل والدفاع لمناقضة ما ورد في توصية وزير الداخلية، وقد إستشهد محامي طالب المراجعة في مذكراته للمطعون ضدهم، ومرافعة إدعائة الختامية، ومذكرة الإستئناف، بحجج أسانيد سوابق دستورية وقضائية، وسوابق قضائية أخرى عملية مماثلة وغير منشورة، نشير لها في الآتي:
(1) الطعن الدستوري بالنمرة:م ع/ق د/2/1406هـ/1986م فيما بين: أسماء محمود محمد طه وعبداللطيف عمر حسب الله/ضد/ حكومة السودان.
(2) السابقة الدستورية بالنمرة:م د/ق د/01/2009م بتاريخ 31/8/2010م، المنشورة بمجلة المحكمة الدستورية، العدد الثالث، السنة 2012م.
(3) سابقة الهيئة المركزية للمياه والكهرباء/ضــد/ محمد حامد أحمد بالنمرة: م أ /أ س م/ 03/1971م، مجلة الأحكام القضائية لسنة1972م، ص85.
(4) سابقة العقيد شرطة/ سعد عربي سعد (طاعن)/ضد/وزير الداخلية (مطعون ضده)، قيودات بالنمرة: م ع/ط إ/01/2004م/مراجعة/ بتاريخ 04/03/209م(غير مسجلة).
(5) سابقة الرائد شرطة/ فيصل إسماعيل البيلي/ضد/ وزارة الداخلية بالنمرة:م ع/ط إس/109/ 2013م/مراجعة/17/2015م بتاريخ 08/02/2016م(غير مسجلة).
(6) السابقة القضائية بالنمرة:م ع/ط إ/11/2009م بتاريخ 20/12/2010م، والحكم الإستئنافي قيودات النمرة:م ع/ط إس/18/2011/ بتاريخ 20/04/2011م(غير منشوره).
بناء عليه، كيف للدائرة الإدارية وبالإجماع، تقرر بأن مذكرة الإدعاء وهي عريضة الدعوى جاءت خالية تماماً من ذكر إسم القانون والمادة من القانون، ليبين الطاعن في دعواه أن القرار الجمهوري صدر بالمخالفة للقانون والخطأ في تطبيقه وإساءة إستخدام السلطة بالإنحراف بها عن غاياتها المشروعة. وكيف للدائرة الإدارية في الإستئناف تستهدي بنص المادة 73/(11) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م تعديل لسنة 2009م رغماً من سريان أحكام المادة(4 بفقراتها) من قانون القضاء الإداري لسنة 2005م تعديل لسنة 2017م، وهو القانون الواجب التطبيق. وذلك لأن دعاوى الطعون الإدارية خليط من القانون والوقائع، وحيث لا فقرة من القانون بالرقم (11) في المادة 73 إجراءات مدنية، وحيث ذات المادة في فقرتها(1) تشير بصراحة بأن تشتمل المذكرة على الوقائع الموضوعية لا القانونية.
وإشاراتي هنا لما قررته الدائرة الإستئنافية بالإجماع، لأبيين وأوضح أثر منهجية إجراءات الدعوى المدنية
العملية على أعضاء الدائرة، وغلبة أحكام القانون الإجرائي المدني على إصدار الحكم المراد مراجعته، دونما إعتبار لطبيعة الدعوى الإدارية المختلفة كثيراً في موضوعها وإجراءاتها والإثبات عن الدعوى الإدارية.
4. أشار الحكم المراد مراجعته إلى أن المحاكم لا تتدخل في ممارسة السلطة التقديرية للإداره متى ما إلتزمت
الإدارة بالنصوص التشريعية المرسومة، وأشار لأحكام المادة(6) من قانون القضاء الإداري لسنة 2005م تعديل لسنة 2017م أحكام أسباب الطعن. وإستطردت الدائرة الإستئنافية في التسبيب بصيغة المبهم والمجهل الفضفاض الهلامي بأن الإدارة متى ما تقيدت بهذه القيود(أسباب الطعن)، فإن القضاء لا يتدخل في ممارسة الإدارة لسلطته التقديرية. وبذلك التسبيب التحييثي للحكم الدائرة الإدارية الإستئنافية في المحكمة العليا ضربت وألغت سلطة الرقابة والمشروعية على أعمال الإدارة من جهة القضاء.
ولذلك السؤال الذي يطرح نفسه: هل جهة الإدارة إلتزمت بالنصوص التشريعية المرسومه في الفقه والقانون والسوابق القضائية المقررة والمنشئة لمبادئ وقواعد القانون والقضاء الإداري، لتقرير الحكم بالإجماع وبصيغة المبهم والمجمل الهلامي الفضفاض دون بيان صريح، بأنه لا يوجد أي مخالفة فيما إتخذته الإدارة من قرار، وأنه لم يخالف القرار نصاً قانونياً، وأنه لم تبدر منه إساءة لإستعمال السلطة؟
والتساؤلات أعلاه، لإجهاض الإداره(المطعون ضدهم) حق طالب المراجعة في السماع العادل وحق الدفاع المقرر تشريعاً في الدستور والقانون وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء. ولأن المطعون ضده الأول والمطعون ضده الثاني الجهة المُصدِرة للتوصية ومنذ تاريخ 06/03/2018م عجزوا وفشلوا في تقديم المستندات المؤيدة لتوصية وزير الداخلية، لإثبات ما ورد في التوصية من وقائع مسنده ومنسوبه للطاعن، وقد دحضها شهود الطاعن ومستندات التقييم والآداء. ولرفض المطعون ضده الثاني من تقديم دفاعه، الأمر الذي أدي إلى قفل قضية المطعون ضده الثاني دون سماع المطعون ضدهم بإنضمام المطعون ضده الأول للثاني في طلب قفل قضية الدفاع دون سماع ودون تقديم المستندات المؤيدة لتوصية وزير الداخلية. ولفشل وإمتناع المطعون ضده الثاني من تقديم المستندات المؤيدة لتوصية وزير الداخلية المطلوب تقديمها بأمر صادر من محكمة الموضوع منذ تاريخ 06/03/2018م لنحو أكثر من خمسة سنوات.
5. إستند الحكم على ما جاء في مستند وزير الداخلية، دونما إعتبار لما جاء في مرحلتي سماع طالب المراجعة، بحسبما تقدم به الطاعن في السماع العام من حجج وأسانيد قانونية ومستندات في مرحلة تقديم وتبادل المذكرات. وما تقدم به الطاعن في السماع الخاص من إفادات أقواله وإفادات الشهود عن الطاعن، ودونما مراعاة ما هو مثبت في محضر الطعن الإداري من إجراءات إمتناع المطعون ضدهم من تقديم قضية دفاعهم في السماع الخاص بعد قفل قضية الطاعن(الإدعاء)، وفشل المطعون ضدهم من تقديم المستندات المؤيدة لتوصية وزير الداخلية، لإصدار محكمة الموضوع أمرها بقرار للمطعون ضده الثاني بتاريخ 06/03/2017م، ودون إعتبار لما أثاره الطاعن طالب المراجعة من دفوع أوردها في مذكرات المرافعة الختامية والإستئناف وفقاً لأحكام المواد 10، 11 من قانون القضاء الإداري 2005م مقروءة مع أحكام المادة 75 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م والمواد 6، 7، 8، 9/(ب) من قواعد الأمر الخامس للجدول الأول الملحق بقانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م، لإستبعاد توصية وزير الداخلية من دفاع المطعون ضدهم الأول والثاني لفشلهم تقديم مستندات الإفادات الواردة في تلك التوصية، وأن تعتبر محكمة الموضوع دفاع المطعون ضدهم كأن لم يكن، لفشل المطعون ضدهم من تقديم المستندات المؤيدة لتوصية وزير الداخلية.
ومؤدى ما نشير إليه، لأنه طبقاً لما هو مقرر من مبادئ في القضاء الإداري(مبدأ إمتلاك المطعون ضده للمستندات، ومبدأ إمتناع ونكول المطعون ضده عن تقديم المستندات)، وإستناداً على نص المادة 5/(و) من قانون الإثبات لسنة 1994م، عدم تقديم الإفادات الواردة في توصية وزير الداخلية قرينة على عدم صحة وسلامة القرار الإداري المطعون فيه، وقرينة تُفسر لصالح الطاعن بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه.
ومؤدى ذلك بالجملة، كيف للدائرة الإستئنافية أن تقرر وبالإجماع الإعتماد على تسبيب تحييثي لحكم يفقد مقومات أسبابه من القانون والواقع وفي المحضر والإثبات. لتستخلص تقرير شطب الإستئناف إيجازياً، دون إعتبار لما ورد في مذكرة الإستئناف من أسباب كافية من حيث القانون والواقع للإستماع للطاعن.
(ثانياً) أسباب المراجعة:
دون إيجاز أو إسهاب مخل، لبيان أسباب المراجعة بحسبما هو مقرر في المادة 14/(3) من قانون القضاء الإداري لسنة 2005م تعديل لسنة 2017م، لأنها المادة من القانون المتعلقة بإستئناف ومراجعة الأحكام القضائية في منازعات الطعون الإدارية، بينما نص المادة 11 من ذات القانون متعلقة بإجراءات نظر الطعن الإداري بتقديم عريضة الطعن الإداري وتبادل المذكرات والسماع وحتى مرحلة إصدار الحكم الإبتدائي.
ومحامي الطاعن يثير هذه المقاربة من القانون، لتجاوز إصابات بعض النيران الصديقه لبعض الرأي في أروقة المحكمة العليا بحسبما جاء في الحكم قيودات بالنمرة:م ع/ط إس/212/2021م/ مراجعة/14/2022م بتاريخ 25/04/2022م، المتأثر بمنهجية إجراءات نظر الدعوى المدنية فصلاً فيها في المراجعة طبقاً لنص المادة 197/(1) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م، بأنه لا تخضع أحكام المحكمة القومية العليا للمراجعة، إلا إذا تبين أن الحكم إنطوى على مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية.
بناء عليه، وبخلاف الدعوى المدنية، ومن حيث قانون القضاء الإداري الساري المفعول، تشريعاً في القانون،
التظلم من الأحكام القضائية يكون بطريق الطعن الإستئنافي والمراجعة دون مرحلة الطعن بالنقض المقرر في المادة 198 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م، أي في الدعوى الإدارية التظلم من الحكم الإبتدائي في مرحلتين، ويكون بطريق الإستئناف وأخيراً المراجعة لأسبابه.
ولذلك في دعاوى الطعون الإدارية، قانون القضاء الإداري الساري المفعول نص على المراجعة لحكم الدائرة الإستئنافية بنص خاص صريح ومباشر، وإشترط فقط إذن رئيس القضاء لمراجعة حكم الدائرة الإدارية في الإسـتئناف، ولم يرد المشـرع صـراحة وبطريق مباشر الإشارة لمخالفة أحكام الشريعة الإسـلامية. وذلك، لتقديرات المشرع لطبيعة دعوى الطعون الإدارية، لأنها دعوى مظالم ضد أعمال ولي الأمر السلطان الحاكم، لمخاصمة المتظلم لقرارات السلطة العامة (الحكومه)، وقوامها مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، ولإعتبار عدم الإختصاص وعيب الشكل وإساءة إستخدام السلطة أسباب بذاتها متعلقة بالقانون، ولإعتبار أن أسباب الطعن الإداري في كثير منها، والغالب كذلك، هي أسباب متداخلة مع بعضها البعض، وذات صلة بالقانون.
وتجاوزاً لإختلاف بعض الرأي، نشير لما قررته المحكمة الدستورية في حكم لها قيودات بالنمرة: م د/ ق د/05/2002م بتاريخ 26/04/2003م، مجلة المحكمة الدستورية لسنة 1999م ـ 2003م، صفحة 688، إقتباساً لقولها مرجعية القانون في السودان هي أحكام الشريعة الإسلامية المتمثلة في القرءان الكريم والسنة المطهرة والإجماع والقياس والمصالح المرسلة والإستحسان وغيرها من ما فصله قانون الأحكام القضائية لسـنة 1983م. ولتفسير معنى ودلالة أحكام الشـريعة الإسـلامية السمحاء الموجبة لمراجعة الحكم، نستهدي بما قررته السوابق القضائية المتواترة منذ سـابقة وزارة العدل/ضد/مبارك الهادي أحمد قيودات النمرة:م ع/ ط إ س/22/1992م، مراجعة/20/1999م، مجلة الأحكام القضائية لسنة 1999م، صفحة 127، لإعمالها المبدأ المقرر في السابقة القضائية بالنمرة:م ع/ط م/233/1988م، مكرر بالنمرة:م ع/ط م/340/1989م، مكرر/مراجعة/196/1992م، مزارعو النشـيشـيبة /ضد/حكومة الإقليم الأوسـط، مجلة الأحكام القضائية لسنة 1992م، صفحة 430. لتقريرها مبدأ مخالفة القانون ترقي إلي مخالفة الشريعة الإسلامية، مما يستوجب معه مراجعة الحكم، إذا خالف الحكم لما أورده المشرع من قواعد لتفسيرالقانون بموجب المادة 2/(1) من قانون أصول الأحكام القضائية لسنة 1983م.
وحيث مبنى طلب المراجعة هذا قائم على مخالفة الحكم المراد مراجعته للقانون، لتسبيب الدائرة الإستئنافية الحكم بالإجماع بما يخالف ويتعارض مع ما هو مثبت في المحضر، لإقامة طالب المراجعة دعوى الطعن الإداري ببيان أسباب الطعن من حيث القانون والواقع، وقد أوردها طالب المراجعة بالجملة في عريضة الطعن الإداري الهجومية، وكذلك في طلب التفاصيل التكميلية التوضيحية لدفاع المطعون ضدهم، وفصّل بالشرح والتفسير أسباب الطعن الإداري من القانون والواقع في المذكرات الشارحة والمفسرة على النحو المشار له في الأسباب الموضوعية للمراجعة في ثانياً أعلاه، لأن طالب المراجعة أشار صراحة وبطريق مباشر للقانون والمادة من القانون المنشئ للطعن الإداري من جوانبه الشكلية والموضوعية، لذكره نص المادة
32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م، ولمخالفة الأحكام القضائية للقانون.
ولأغراض المناقشة والعلمي، عريضة الدعوى هي الإجراء الأول في الخصومة، وأنها الصيغة الإجرائية لطرح الدعوى أمام المحكمة، وأنها تمثل حلقة الوصل بينها وبين الخصم بها. وأما المذكرة القانونية فهي مكملة وشارحة لعريضة الدعوى، وهي التي تبين أدلة عريضة الدعوى، وتكشف عن مستنداتها، وكثيراً ما تصحح ما جاء في العريضة من أسباب الدعوى ودفوع وطلبات يقرها قانون، وتفسر أحكاماً ونصوصاً قانونية بها غموض أو لبس واردة في عريضة الدعوى، وتفند ما جاء في عريضة الدعوى، وتعقب عليها. ولذلك يُفتتح بعريضة الدعوى الخصومة أياً كانت، وبينما تشتمل المذكرة على وسائل الدفاع بغرض إنهاء الدعوى. وبمعنى آخر، عريضة الدعوى لها صفة الهجوم، وأما المذكرة فلها صفة الدفاع. ولذلك يقتصر دور عريضة الدعوى في عرض النزاع أمام الجهات القضائية، وبها يبدأ عرض النزاع أمام القضاء. أما المذكرة لها عدة أدوار: فهي توضح ما جاء في عريضة الدعوى توضيحاً وافياً، وتسمى في هذه الحالة مذكرة شارحة. وقد تفسر أي غموض وارد في عريضة الدعوى، وتسمى هنا مذكرة تفسيرية. والمذكرة قد تعدل أسباب الدعوى والطلبات الواردة بها، وتسمى مذكرة تعديلية. وقد تفند ما ورد في عريضة الدعوى من أسباب الدعوى، وتسمى مذكرة جوابية(طلب التفاصيل التكميلية لعريضة الدعوى). والمذكرات قد تكمل الدفاع الشفوى في الجلسة، وتسمى مذكرة ختامية. وعملياً، عريضة الدعوى بها يكون عرض موضوع الدعوى أمام المحكمة، وسرد الجانب النظري للنزاع، بينما المذكرة تشرح الأبعاد الحقيقية للموضوع، وتقوم بترجمة الجانب الموضوعي إلى أرض الواقع. وحيث عريضة الدعوى هي مفتاح الخصومة، فإن تقديمها يكون من طرف واحد، وهو المدعي أو من ينوب عنه، وبينما المذكرة يقدمها جميع الأطراف في الدعوى، سواء المدعي أو المدعى عليه.
وبناء على ما تقدم، لبيان أسباب المراجعة للحكم، طلب المراجعة يطرح النقاط الآتية:
1. مخالفة الحكم للقانون والتفسير والتطبيق الخاطئ للقانون، وذلك من حيث الآتي:
(1) التحييثييات التسبيبيةً المُبهمه الهُلامية الفضفاضه المُجهِلة لحكم الدائرة الإدارية الإستئنافية في المحكمة العليا، لتقريرالدائرة الإستئنافية مسوغات ممارسة رئيس الجمهورية لسلطاته التقديرية، إستخلاصاً لها دون بيان معقول ومقبول من واقع حقائق الطعن الإداري للطاعن، للقول أن المحاكم والقضاء لا يتدخل في السلطة التقديرية للإدارة متى ما إلتزمت بالنصوص التشريعية المرسومه، لتقرير الدائرة الإدارية الإستئنافية أن القرار الإداري إستند إلى المادة 26 من قانون شرطة السودان لسنة 2008م مقرؤة مع المادة 15 من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة 1974م، بناء على المستند المقدم من وزير الداخلية. ووجه المخالفة للقانون تفسيراً وتطبيقاً عملياً للقانون، الدائرة الإستئنافية لم تأخذ في الإعتبار مسلمات الحقائق الآتية:
(أ) مسلمات ما يلزم به القانون من واجب توافر الضمانات الإجرائية والموضوعية المرسومة تشريعاً لها في القانون لإعمال نص المادة 32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م، بإحترام حق الطاعن في السماع والدفاع العادل لمناقضة ومناهضة ما جاء من وقائع وردت في المستند المقدم من وزير الداخلية.
(ب) واجب أن تتحقق المحاكم والقضاء عند ممارستها لسلطة الرقابة القضائية والمشروعية على أعمال الإدارة من توافر مطلوبات كفالة الضمانات من القانون، للتأكد من سلامة الإجراءات في السماع والدفاع خلال إجراءات أعمال اللجنة الثلاثية لإعمال نص المادة 32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م.
2. إستناد حكم الدائرة الإستئنافية على أسباب مخالفة للقانون، وإصدار الحكم بخلاف ما هو مثبت في المحضر، وذلك من حيث مسلمات الحقائق والوقائع الأتية:
(1) الطاعن طالب المراجعة ضمن عريضة الدعوى ذكر القانون الموضوعي والمادة من القانون، بالإشارة لنص المادة 32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م، وتفصيلاً توضيحاً لها الطاعن ضمن مذكراته ومرافعته الختامية والإستئناف أشار للقانون والمادة من القانون.
(2) إمتناع الدائرة الإستئنافية في المحكمة العليا من تطبيق قاعدة تشريعية قررها القانون والعرف المهني،
وعدم تطبيقها لمبدأ من القانون قررته السـوابق القضـائية، وتفسـيرها القانون تفسـيراً خاطئاً، ووجه بيان ذلك
من حيث الآتي:
(أ) محاججة الطاعن طالب المراجعة ضمن مذكراته ومرافعتة الختامية ومذكرة الإستئناف بأسانيد المبادئ من القانون والسوابق الدستورية والقضائية المقررة لضمانات سلامة الإجراءات المتعلقة بالأعمال التحضيرية للجنة الثلاثية بمقتضى نص المادة 32/(و) من القانون. وتعليلات ذلك بحجج القانون وأسانيده، لعدم إتاحة حق السماع والدفاع للطاعن طالب المراجعة، لمناقضة ومناهضة ما ورد من وقائع في توصية وزير الداخلية بحسب المستند المقدم من وزير الداخلية.
(ب) إستناد الحكم على المستند المقدم من وزير الداخلية، والمستند هو توصية وزير الداخلية، وفحوى مضمون خلاصة التوصية مخالف لأسباب إنهاء الخدمة للطاعن طالب المراجعة، لإثارة توصية وزير الداخلية وقائع متعلقة بسلوك الطاعن وهو في رتبتي النقيب والرائد قبل عقدين من الزمان(عشرين سنه)، وحيث الوقائع لا علاقة لها بقدرات وكفاءة الطاعن المثبته فاعلية قدراته وكفاءته بقواعد العرف المهني من واقع التقارير الإدارية المكتوبة عن الطاعن، وقد تدرج في الترقي من رتبة النقيب لرتبة الرائد والمقدم حتى بلغ رتبة العقيد شرطة لنحو عقد من الزمان(8 سنوات).
(3) تجاوز الدائرة الإدارية الإستئنافية في المحكمة العليا لإختصاصها المقرر لها في الدستور والقانون، لعدم إصدارها الحكم وفقاً للقانون، وذلك من حيث الآتي:
(أ) عدم الفصل في النقاط المثارة من الطاعن طالب المراجعة، وذلك فيما يتعلق بمخالفة القرار الإداري المطعون فيه للقانون، لإستناد أعمال مدير عام قوات الشرطة بتوصيته لوزير الداخلية على لوائح غير منشورة في الجريدة الرسمية. ولأنه إبتداءاً سلسلة الأعمال الإجرائية والتحضيرية للجنة الثلاثية تستند على لائحة إجراءات التحقيق ومحاكمات الشرطة لسنة 2002م تعديل لسنة 2004م ولائحة الإنضباط تعديل لسنة 2008م، ولائحة شروط خدمة وترقي ضباط الشرطة لسنة 2005م، وقد أوردها الطاعن طالب المراجعة إشارة لها في مرافعته الختامية وضمن مذكرة الإستئناف، لإعتبار المخالفة للقانون في المعنى الواسع له.
(ب) الفصل في الحكم من محكمتى الإستئناف والموضوع، دونما إعتبار لما أثاره الطاعن طالب المراجعة من أسباب إمتناع ورفض المطعون ضدهم الأول والثاني تقديم أدلة المستندات المؤيدة لتوصية وزير الداخلية (مستند وزير الداخلية). وعملياً إجرائياً قفل الدفاع لقضيته دون سماع مفوض وزير الداخلية وشهوده وتقديم بيناته لمواجهته ومناقشته بذات إجراءات سماع قضية الإدعاء لسماع الطاعن وشهوده وتقديم الطاعن لأدلة مستنداته، ورغم أمر وقرار محكمة الموضوع للدفاع منذ تاريخ 06/03/2018م لتقديم أدلة مستند توصية وزير الداخلية، الأمر الذي يخل وأخل كثيراً بسلطة المحكمة في تقدير الأدلة ووزن البينات لإصدار الحكم وفقاً لأحكام القانون، بإعتبار دفاع المطعون كأن لم يكن بإستبعادة، لفشله في تقديم أدلة المستندات المؤيدة للوقائع الواردة في المستند المقدم من وزير الداخلية.
ومؤدى ما أشرنا له من تفصيل، الحكم المراد مراجعته خالف القانون تطبيقاً وتفسيراً وتأويلاً. وذلك، لإستخلاص الدائرة الإدارية في الإستئناف أسباب الحكم المراد مراجعته بطريقة غير مستساغة ولا يقبلها واقع عقل ومنطق القانون، ولا الإقناع، بحسبما هو مثبت ومدون في المحضر من أسباب الطعن التي أوردها طالب المراجعة في عريضة دعواه والمذكرات، ولأن نقيضة ما إستندت عليه الدائرة الإدارية من أسباب الحكم مثبت ومدون في المحضر. فلو تمعنت وفهمت الدائرة الإستئنافية أسباب الطعن من عريضة ومذكرات الطاعن طالب المراجعة ومرافعة إدعائه الختامية ومذكرة الإستئناف، لإستخلصت أسباب الطعن الإداري من حيث القانون والواقع، لذكر الطاعن طالب المراجعة القانون والمادة من القانون إشارة لها المادة 32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م. ولذلك، الحكم جاء مخطئاً في تطبيق القانون تفسيراً وتأويلاً له، وصدر مشوباً بالظلم والحيف، ومن ثمّ، فقد جاء منطوياً على مخالفة الشريعة الإسلامية.
وبذلك الحكم المراد مراجعته خالف مبدأ أصيل مقرر في الشريعة الإسلامية والقانون، بأن الأحكام تصدر على فهم للوقائع والقانون لتحقيق المقاصد الشرعية للأحكام لإقامة العدل بين الناس، وذلك على أساس مبدأ إعتبار المعاني والمقاصد. فالعبرة في أحكام الشريعة الإسلامية للمقاصد والمعاني، لا الألفاظ والمباني. فمبناهـا على إعتبار ما تشتمل عليه الأحوال والأوصاف والأقوال والأفعال من المعاني المنتجـة صلاحاً ونفعاً للمكلف، والمقاصد التي يقصدها المكلف من تلك التصرفات، ويعتبرهـا الشارع محققة لمقصوده الأصلي من
التكليف، أو لمقصودة في نفع المكلف دون إعتبار للأسماء والأشكال الصورية والشكلية الإجرائية، لأن طالب المراجعة المكلف والمخاطب من المشرع بإتباع أحكام الشريعة الإسلامية تعبداً ومعاملات وسلوكيات، أورد في عريضة دعواه القانون والمادة من القانون، إشارة صريحة ومباشرة لنص المادة 32/(و) من قانون شرطة السودان لسنة 2008م، ومن ثمّ خلال مذكراته ومرافعته الختامية وفي مذكرة الإستئناف الطاعن إستند وإستشهد وإسترشد بالنصوص التشريعية المرسومه الذي خالفه القرار الإداري المطعون فيه.
وإزاء الأسباب الموجبة للمراجعة، وبالرجوع إلى حيثييات الحكم موضوع طلب المراجعة، وجه المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية أن الحكم خرج عن قاعدة المشروعية، لأنه لم يوافق ما أرسته قواعد القانون من نصوص تشريعية وسوابق دستورية وقضائية راسخة ومفسرة للقانون، وقد أشار لها وأوردها الطاعن طالب المراجعة في عريضة دعواه ومذكراته ومرافعة إدعائه الختامية ومذكرة الإستئناف، مما يجعل دائرة المراجعة مختصة بنظر طلب المراجعة، ونستهدي في ذلك بالسابقة الدستورية بالنمرة:م د/ق د/07/2001م صادرة بتاريخ 14/07/2001م، والسابقة الدستورية قيودات بالنمرة:م د/ق د/11/2001م صادرة بتاريخ 11/06/2001م، مجلة المحكمة الدستورية للفترة 1999م - 2003م، ص303 - 304، ص314 - 315، لتقريرهما أن دائرة المراجعة تختص بإلغاء حكم أصدرته المحكمة العليا لا يطبق قاعدة قانونية أرستها السوابق القضائية، وكما تختص دائرة المراجعة عندما يخالف الحكم قاعدة قانونية.
وعلاوة على ما أشرنا إليه من أسباب المراجعة، الحكم الصادر من محكمة الموضوع ومن ثمّ حكم الدائرة الإدارية الإستئنافية أحكام فيها تجاوز للإختصاص المقرر لهما في القانون في معناه الواسع. وحيث تجاوز الإختصاص هو مخالفة الأحكام القضائية للقانون بالتطبيق الخاطئ للقانون، أو تطبيقه بتفسير وتأويل خاطئ للقانون(أي عندما تخالف المحاكم القانون When courts fall into error of law). وبما أنه فقهاً وقانوناً وعملياً تجاوز المحكمة للإختصاص مأخوذ من أنه إذا كان للمحكمة سـلطة الفصـل في قضـية ما على وجـه صـائب، فإنها بالمثـل تملك الفصـل فيها على وجه خاطئ وغير صائب(وهو ما إنتهت له الدائرة الإدارية الإستئنافية، لتقريرها شطب الإستئناف إيجازياً). وبما أن الدائرة الإدارية الإستئنافية في المحكمة العليا تجاوزت إختصاصها بعدم تطبيق القانون بوجه صائب، ولعدم تطبيقها لقاعدة قانونية أرستها سوابق قضائية راشده راسخة ومستقرة، فإن مخالفة القانون ومعنى تجاوز الإختصـاص المقـرر في القانون، بلا شـك ومواربه فيه خروج عن المشروعية والشرعية المقـررة في عمومية ومرونة أحكام الشريعة الإسلامية الواردة بنصوص صريحه قطعية في القرءان الكريم والسنة النبوية الطاهرة، لقوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وإولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)، وحيث ظاهر النص في قوله تعالى:(فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)، دلالة لعدم المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية المستمدة من القرءان الكريم والسنة النبوية، وأن لا تخرج الأحكام القضائية وسلطة وقرارت سلطة الحكومة على نصوص الشريعة الإسلامية أو روحها، لأن الشريعة الإسلامية هي المنشئة للجماعة والموجهة بتنظيم حياة الجماعة، وذلك لقوله تعالى:(وأن أحكم بينهم بما أنزل الله)، سورة المائدة، الآية 49، ولقوله تعالى:(ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون)، سورة الجاثية، الآية 18، ولقوله تعالى:(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، سورة المائدة، الآية 44.
وكما تجاوز محكمتي الموضوع والدائرة الإدارية الإستئنافية في المحكمة العليا للإختصاص المقرر لهما في القانون بعدم تطبيق قاعدة قانونية أرستها السوابق القضائية، وخروج الأحكام القضائية عن المشروعية المقررة في القانون، وبما فيها القواعد التي أرستها السوابق القضائية، بلا شك هو تجاوز لإقامة العدل بين الناس، ومؤداه، أن يقع الحكم القضائي بالمخالفة لقوله تعالي:(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي)، سورة النحل، الآية 90. وكذلك قوله تعالى:(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، سورة النساء، الآية 58، وقوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين)، سورة النساء، الآية 135. وحكمة وعلة ذلك ومناطه، لما في الشريعة الإسلامية السمحاء من أحكام لمنع الظلم وإنهائه، حتى وأن صدر في صورة قضاء خاطئ. فقد جاء في الحديث القدسي:(يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا). وكما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ)، أخرجه البخاري ومسلم، أي عمل مردود عليه، وذلك لمخالفته هدي وسنته صلى الله عليه وسلم، لأن العمل المردود، ليس من أمر الشارع. وكذلك جاء في رسالة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القضاء:(ولا يمنعنكم قضاء قضيت فيه اليوم، فراجعت فيه رأيك، فهديت لرشدك، أن تراجع فيه الحق، فإن الحق قديم لا يبطله شي، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل).
فالحكم المراد مراجعته - وكما أشرنا له من بيان تفصيل موجبات لزوم المراجعة له - جاء معيباً مخطئاً في تفسير القانون وتطبيقه، وجاء مشوباً بالظلم والحيف، ومؤداه حرمان طالب المراجعة من حق تقلد الوظيفة العامة ضابط شرطة بقوات الشرطة، لشطب المحاكم طعن إداري مخالف للقانون بمعناه الواسع، ولإمتناع الدائرة الإستئنافية في المحكمة العليا الإستماع للطاعن لشطبها الإستئناف إيجازياً طبقاً لنص المادة 14/(2) من قانون القضاء الإداري لسنة 2005م مقروء مع المادة 168 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م. وحيث أن تقلد الوظيفة العامة حق دستوري وقانوني ووسيلة للكسب الشريف والعيش الكريم لشاغيلها، ووسيلة لخدمة المجتمع، ووسيلة لإشباح حاجات المجتمع لتقديم الخدمات العامة مقابل إشباع المجتمع لحاجات القائم عليه بآداء حقوقه. فإن طالب المراجعة بحكم وظيفة عمله ضابط شرطة برتبة العقيد هو خيار الخيار من خيار آخرين لأمثاله، وسلامة في الجسد، وبسطة في القوة والمنعة، وكفاءة وخبرة عملية وتأهيل لتقلد الوظيفة في سلك الجندية ضابط بقوات الشرطة. وحيث أحكام الشريعة الإسلامية في عموميتها تحمي الوظيفة العامة وتحدد شروطها، فقد جاء في قوله تعالى(يا أبت إستأجره إن خير ما إستأجرت القوي الأمين)، سورة القصص، الآية 23، ومقصود القوة في معناها الشامل البدني والفني. وقوله على لسان نبي الله يوسف عليه السلام، لطلبه وزارة المالية:(قال أجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)، سورة يوسف، الآية 55، أي طلب الوظيفة على أمانة الحفظ والعلم. ولقوله تعالى:(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)، سورة النساء، الآية 57، ودلالة الآية الكريمة أن يولى العمل الأصلح من يجده لذلك العمل. ومن نصوص القرءان الإعتماد على أهل الخبرة وأهل العلم، لقوله تعالى:(فأسأل به خبيراً)، سورة الفرقان، الآية 59. وقوله تعالى:(فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، سورة النحل، الآية 43، أي توافر شروط الكفاء والعلم، والتعين لأصلح الموجودين. وقد جاء في الحديث النبوي الكريم قـوله صلى الله عليه وسـلم:(من ولى أمـر المسلمين شـيئا، فـولى رجلاً، وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، وأفضل منه، فقد خان الله ورسوله)، رواه الحاكم في صحيحه.
ومن ما أشار له فقهاء الشريعة المحدثون، قولهم، شرعية إعمال مبدأ السياسة الشرعية، لإعمال السلطة التقديرية بما لا يتعارض إعمالها مع كليات مقصد الشريعة الإسلامية ومقاصدها الفرعية، وخاصة فيما يتعلق بإسـقاط بعض من الجُند(منسوبي القوات النظامية) من الديوان (إنهاء خدمتهم من العمل) بسبب جاز وبغير سبب لا يجوز. وإستناداً لرأي الشرع والعلم والفقه الإسلاميين، يُعني بالسبب غير المشروع، مخالفة قواعد ومبادئ الشريعة الإسلامية، بدافع التشهي أو المصلحة الخاصة موالاة لأقليات أعوان السلطان(الحاكم) تمييزاً ذاتياً، لا تمايزاً على أساس المؤهلات والقدرات والكفاءة، وهذا هو رأي الدكتور/ فتحي الدريني - بحسبما ورد في كتابه - الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده، بيروت، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة، 1404هـ/1984م، ص22- 25 وما بعدها، ص40-41، ص53-62، ص63-77، ص103-115. وبالجملة، القول أعلاه، هو من تفصيلات فروع الشريعة الإسلامية، وينطبق مع حالة إنهاء خدمة الطاعن طالب المراجعة، لأن إجراءات إنهاء خدمة الطاعن(إعدام من الوظيفة العامة بلا سبب)، وجاءت بسلطة تقديرية تشهياً ورغبة ذاتية لمُصدِر القرار 259/2017م بتاريخ 11/04/2017م، ولا تتفق مع الصالح والمصلحة العامة لإحالة كفاءات وقدرات عقلية ومهنية لها القدرة على العطاء لسنوات، وحيث إنهاء خدمة الطاعن جاءت بتقارير كذوبة لا تحتمل التصديق، وسقطت حججها من شهادة شهود الطاعن المديرين والرؤساء المباشرين للطاعن ومستنداته، وإمتناع المطعون ضدهم تقديم أدلة وقائع ما أورده المستند المقدم من وزير الداخلية، لقفلهما قضية الدفاع دون سماع مفوض وزير الداخلية، ودون تقديم شهودهم وأدلتهم، ورغماً عن ذلك المحاكم تصدر أحكامها بشطب الطعن الإداري، وترفض المحاكم الأعلى الإستماع للطاعن، ولا شك في ذلك من حيث الأدلة والبينات المقبوله إهدار لقوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، سورة الحجرات، الآية 06. ولقوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم)، سورة الحجرات، الآية 12. فالإدعاء بواقعة ما كانت إذا كانت شكوى أو تبليغ مكتوب لبيان وقائع أو حدث لواقعة، فهو يحتمل التصديق والتكذيب وأخذ الناس بالشبهات. ولذلك، الإدعاء بلا سند ودليل جازم وقطعي درجة من درجات الفسوق.
ولقطع حقيقة وحجية المستند المقدم من وزير الداخلية، يلزم على القضاء التحقق من فحوى المستند بإعمال سلطة المحكمة التحقيقية لإستجلاء حقيقة المستند، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، الأحكام القضائية إنبنت على إجراءات مخلة ومنتهكة لحق المواجهة والدفاع للطاعن والسماع العادل. فهو بذلك إنتهاك صريح لأحكام الشريعة الإسلامية، فالله سبحانه وتعالي تواجه مع سيدي عيسى بن مريم عليه السلام، وكما أن الذات العلية الله سبحانه وتعالى تواجه مع إبليس اللعين لعنة الله عليه، ونستهدي في ذلك بقوله تعالي:(وإذ قال الله يا عيسى إبن مريم أنت قلت للناس أتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب)، سورة المائدة، الآية 116. فهو كذلك قوله سبحانه وتعالى:(قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي إستكبرت أم كنت من العالمين* قال أنا خير منه خلقتني نار وخلقته من طين* قال فأخرج منها فإنك رجيم* وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين)، سورة ص، الآيات 75، 76، 77. وقد جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، رواه الترمذي، الجامع الصحيح، ج4. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:(لو أعطي الناس بدعواهم لأدعى رجال دماء قوم وأموالهم لكن اليمين على المدعى عليه)، رواه البخاري، الصحيح الجزء الأول، ورواه مسلم، الصحيح الجزء الرابع.
ودلالات الآيات من القرءان الكريم والسنة المطهرة، لرفض المطعون ضدهم الأول والثاني تقديم أدلة المستندات المؤيدة للوقائع عن الطاعن الواردة في المستند المقدم من وزير الداخلية، وخيار المطعون ضدهم عدم مواجهة الطاعن، لقفلهم قضية الدفاع دون سماع مفوض وزير الداخلية، ودون سماع شهودهم، ودون تقديم أدلة بيناتهم. وذلك على خلاف قضية الإدعاء أمام محكمة الموضوع لسماعها الطاعن وشهوده وتقديم مستنداته. مما يعني ذلك، فشل المطعون ضدهم إثبات صحة وسلامة القرار الإداري المطعون فيه.
وبذلك نختم بسؤال: هل إلتزمت الإدارة بالنصوص التشريعية المرسومه؟ وهل الأحكام القضائية إنبنت على صحيح القانون؟ وهل المحاكم إلتزمت جانب الرقابة القضائية للتأكد من مشروعية القرار الإداري الطعين؟
من جملة ما تقدم من أسباب دواعي المراجعة، نلتمس تدخل عدالة محكمتكم الخماسية، وإصدار حكماً بالآتي:
1. إلغاء حكم الدائرة الإستئنافية بالنمرة:م ع/ط إس/57/2022م بتاريخ 13/06/2022م.
2. إصدار حكم يقضي بطلبات الطاعن بإلغاء القرار الإداري 259/2017م بتاريخ 11/04/2017م
وتقبلوا مع فائق شكري وتقديري ،،،،،
د. الطيب عبدالجليل حسين محمود
المحامي إستشاري القانون المحكم والموثق
20/08/2022م
مرفقات:
صورة حكم الدائرة الإستئنافية المراد مراجعته.
📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات