بوليس يا إبليس(3)
مدنية الشرطة والشرطة المدنية(2)
فريق شرطة حقوقي د. الطيب عبد الجليل حسين محمود - المحامي واستشاري القانون.
(Eltayeb2hussein@gmail.com - Eltayeb.hussein@yahoo.com)
الهاشتاق ترند Trend بوليس يا إبليس ومثيلاتها؛ عينك فوقو تركب فوقو؛ وأمن ياجن؛ عملياً في الخطاب المهني لوظيفة مهنة صناعة الأمن في السودان، مؤداه؛ أن الخطاب، يعكس المبادئ والتوجهات التي تحكم عمل المؤسسات الأمنية - الجيش والشرطة والمخابرات العامة - كأجهزة وطنية مملوكة للدولة. تؤدي وظيفتها العمومية بإسم الدولة، لا بإسم الحكومات، للسيطرة على الأوضاع الأمنية خلال الحرب والسلم والفوضى العارمة الواسعة النطاق لبناء وصناعة السلام وللمحافظة على السلم والأمن في الدولة وفي جماعات مجتمع الدولة. ولأن الخطاب المهني لوظيفة مهنة صناعة الأمن في السودان، طبيعياً يتأثر بالسياق التاريخي والسياسي للبلاد، والمعلوم أن السودان منذ الحكم الوطني ظل يشهد تطورات كبيرة في هيكلة وإعادة هيكلة قطاع الأمن، وبوجه خاص شرطة السودان.
وللنقاش، إجابة على السؤال الجوهري المطروح، من أين جاء مفهوم إصطلاح أو مصطلح مدنية والمدنية، والشرطة المجتمعية والشرطة الشعبية والشرطة العسكرية والشرطة الأمنية وعمليات إدارة الأمن الداخلي مقروناً بإسم الشرطة السودانية، الإسم التاريخي للشرطة السودانية؟ وبمعنى آخر، مفهوم ومصطلح كلمة وعبارة مدني والمدنية والمجتمعية والشعبية والأمنية والأمن الداخلي، وقرنهم بإسم الشرطة السودانية، كيف ومن أين تم إستيراده أو إستلافه أو إستعارته في الخطاب المهني لوظيفة صناعة الأمن؟ وما دواعي وأسباب التعديلات المتكررة لقوانين الشرطة منذ نشأتها مؤسسياً في حقبة فترة الحكم الثنائي المصري على السودان 30 ديسمبر 1989م – 01/ 01/ 1956م وفي حقبة فترة الحكم الوطني؟ وما أثر التعديلات التشريعية للقانون والقرارت والأوامر التنفيذية المتعددة على مهنية الشرطة وإحترافيتها لتأدية مهامها وواجباتها؟
وإجابة مفتاحية مؤقتة على التساؤلات المطروحة، أهم عناصر الخطاب المهني لصناعة الأمن في السودان، نشير لها في العناصر الآتية:
(1) على الجميع حاكمين ومحكومين، الإلتزام بالقانون: لأن الإلتزام بالقانون يهدف إلى تطبيق القوانين بشكل عادل لضمان الأمن والإستقرار.
(2) حماية حقوق المواطنين: بأن تعمل المؤسسات الأمنية على حماية الحقوق والحريات العامة للمواطنين. (3) العمل الدوري والمستمر على إصلاح القطاع الأمني: بإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية، لتكون أكثر مهنية وحيادية، وعلى قدر فعال في التنسيق بين وحدات مؤسسات الأمن الرصيف(الجيش، الشرطة، المخابرات العامة).
(4) إحداث درجة عالية من التكامل بين الجهات الأمنية: بدمج الجهات الأمنية المختلفة في كيان موحد لضمان الفعالية تحت قيادة وسيطرة وتشغيل موحد؛ أي بالنسبة لمؤسسات الأجهزة الأمنية في المعني الضيق لها والمؤسسات الرصيفة الموازية المتماثلة في وظيفة العمليات الأمنية، أن يتم دمجها بعضها في بعض (الشرطة بهياكلها في عمليات الأمن الداخلي الجنائي والإداري، السجون، الحياة البرية، الدفاع المدني، الجمارك، بتبعيتها لرئاسة الشرطة تحت قيادة مدير عام قوات الشرطة وإشراف ومسئولية وزير الداخلية).
ولأنه بالنسبة للشرطة السودانية، ومن سياقات الخطاب المهني لصناعة الأمن، الخطاب يقرر الآتي:
(1) يقع على عاتق أجهزة القوات المسلحة (الجيش، الشرطة، المخابرات العامة)، عبء العمل على تعزيز الأمن الداخلي خلال الحروب والسلم؛ بأن تصبح الشرطة هي الجهة المسئولة عن حماية الجبهة الداخلية، ومنع الفوضى والإضطرابات الأمنية، وتأمين مقار المنشآت الحيوية مثل: المستشفيات ومقار أماكن الطاقة الكهربائية والوقود المُسال والغازي والبنية التحتية.
(2) الشرطة عليها مسئولية عبء مكافحة الجريمة المتزايدة: لأن الواقع العملي، يفيد أن الحرب والفوضى العارمة الواسعة النطاق، تؤدي إلى إرتفاع معدلات الجريمة، بسبب الظروف الإقتصادية الصعبة المنهارة، وتزايد عِداد العطالة، وإنتشار الأسلحة، وإنهيار المؤسسات الخدمية للجمهور العامة والخاصة، مما يفرض على الشرطة تكثيف جهودها في مكافحة الجرائم مثل؛ جرائم القتل والأذى والسرقة والتهريب الجمركي للسلع والبضائع، والإحتيال وتفشي تناول المخدرات في المجتمع بين فئات الشباب.
(3) تتولى الشرطة عبء مسئولية المشاركة في عمليات صناعة وحفظ السلام والأمن: أي أن تتولى الشرطة إدارة عمليات حفظ السلام والأمن، بأن تلعب الشرطة دوراً مهماً في إعادة الإستقرار الأمني، والمشاركة في عمليات حفظ السلام للمجتمع، وتقديم الدعم الإنساني للمجتمعات المتضررة، بتقديم عمليات الإسعاف والإنقاذ والإخلاءات للأماكن والملاجئ والمعسكرات والإيواءات الآمنه.
(4) حل النزاعات والإختلالات الأمنية: بأن تعمل الشرطة على حل النزاعات وأسباب خلافات الإختلالات الأمنية بإستخدام وسائل الشرطة السلمية أو الوسائل العنفية أو وسيلة الحلول المزدوجه العنفية والسلمية معاً، إن كان لأيهما مقتض وسبب معقول.
(5) مواجهة التحديات الواقعية والعملية: أي مواجهة التحديات المعيقة لعمليات الحماية والتأمين للدولة ومجتمع الدولة، مثل التعامل مع فئات النازحين والمغادرين خارج الحدود الوطنية، ومواجهة العنف وإختلالات الإضطرابات الأمنية، والتعامل المرن مع الأزمات الإنسانية، وأن يكون للشرطة قدرة توفير بدائل الموارد البشرية والمالية.
ووفقاً لذلك، الخطاب المهني لمهنة وظيفة الشرطة، يعكس الدور الحيوي الذي تلعبه الشرطة في تحقيق الأمن والإستقرار؛ والنظر إلى الشرطة أنها ليست مجرد قوة تنفيذية، بل هي مؤسسة إجتماعية عامة مملوكة للدولة والمجتمع، وتعمل وفقًا لمبادئ القانون والعدالة والمساواة، وتسهم في حماية الحقوق والحريات العامة، وتؤدي مهامها بحيادية وشفافية، وتقف على خط واحد مستقيم ومتساوي مع الجميع. وأن على الشرطة تقديم خدماتها الحمائية والأمنية بمهنية عالية وسريعة دونما تأخير؛ أي تقديم خدماتها على قدر عالي من الإستباق الزمني، لمنع وقوع الحدث المهدد للأمن، وعلى قدر متميز من السرعة المعقولة، لكشف وضبط الحدث المهدد للأمن، كشفاً وضبطاً للحدث الأمني من حيث طبيعته ونوعه وأشخاصه.
وللنقاش، السؤال المطروح من أين جاء مفهوم إصطلاح أو مصطلح مدنية Civil والمدنيةCivilization مقروناً بإسم الشرطة السودانية؛ وكذلك الشرطة المجتمعية Community Police والشرطة الشعبية People's Police والشرطة العسكرية Military Police والشرطة الأمنية Security Policeوالأمن الداخلي Internal Security مقروناً بإسم الشرطة السودانية، الإسم التاريخي للشرطة السودانية؟ وبمعنى آخر، مفهوم ومصطلح كلمة وعبارة مدني Civil والمدنية Civilization والمجتمعية Community والشعبية People's والأمنية Security والأمن الداخلي Internal Security وقرنهم بإسم الشرطة السودانية، كيف تم إستيراده أو إستلافه أو إستعارته إشارة لها في الخطاب المهني لوظيفة صناعة الأمن؟ وما دواعي وأسباب التعديلات المتكررة لقوانين الشرطة منذ نشأتها مؤسسياً في حقبة فترة الحكم الثنائي المصري على السودان 30 ديسمبر 1989م – 01/ 01/ 1956م وفي حقبة فترة الحكم الوطني؟ وما أثر التعديلات التشريعية للقانون والقرارت والأوامر التنفيذية المتعددة على مهنية الشرطة وإحترافيتها لتأدية مهامها وواجباتها؟
للإجابة، نطرح سؤال، ما معنى ودلالة إصطلاح كلمة مدني Civil والمدنيةCivilization ، إستخداماً لهما في تصورات العقل المهني لصناعة الأمن في السودان؟ وإجابة على هذا السؤال، الواضح من الوهلة الأولى، أن معني ودلالة كلمة مدني Civil والمدنيةCivilization ، أنهما ذات مرجعية لتصورات العقل الغربي المتطور إستيلاداً له في أوروبا الكبرى الشرقية والغربية، أي منبتها بيئات وثقافة المجتمع الأوربي.
وبالتالي، كلمة ومصطلح Civil /Civilization أصل مصدرهما وجذرهما لغة وإصطلاحاً فنياً كقاموس معرفي مصطلحي، يعود للثقافة الغربية الأوروبية. فكلمة مدني Civil في جانب معنى لها، تعني المجتمع الراقي High society أي المجتمع البرجوازي Bourgeois Society، وهذا المعني يشير للمجتمع الطبقي Estate Society. ولكن من المفارقات، إختلاف المعنى عند ظهور كلمة مدني Civil كمكون لعدة مصطلحات أخرى، فقد ورد في معجم تاريخ الأفكار مصطلح Civil Disobedience أي العصيان المدني، وفي الفكر والثقافة الغربية يطلق إصطلاح العصيان المدني، على أنه، صفة ملازمة، لكلما هو عصيان للقانون المدني Civil Law، أو أنه مقاومة حضارية أو متميزة Civilized Resistance. وفي سياقات الفكر الأمريكي، يظهر في معجم الفكر الحديث، مفاهيم العصيان المدني وحركة الحقوق المدنية Civil Right Movements. ولتفكيك مصطلح مدني Civil والمدنيةCivilization في مركب العبارة مدنية الشرطة والشرطة المدنية، فمن المفيد جداً أن نتوقف قليلاً متأملين في معجم بولدوين Baldwin للفلسفة وعلم النفس، لظهور مفهوم مدني Civil ومفهوم Civil Law قانون مدني، لأن المعجم Dictionary أو Lexicon أفاد المعاني الآتية:
(1) كلما هو متعلق بالدولة.
(2) متعلق بالتعامل العادي للدولة مع مواطينها، لتمييزه من التعامل العسكري Military والجنائي Criminal أو الديني Religious.
(3) يتعلق بالتعامل مع مواطني دولة ما لتمييزهم من ما هو أجنبي، ومثال ذلك كما هو في الحرب الأهلية Civil War. وما يفيد من حيث الترجمة الإصطلاحية، لا نقول بالعربية حرب مدنية، إنما نقول حرب أهلية، لأن الحرب تدور بين مواطنين.
ومقاربة بين دلالات المفاهيم لإصطلاح مدني Civil ومدنية Civilization، يتبين أن إشتقاق Civil مدني ليس من Civilization مدنية، وإنما الإشتقاق من Civis باللاتينية، وتعني مواطن Citizen بالإنجليزية، بإعتبارة (المواطن) مفهوم متعلق بالدولة. وأن مفهوم مدني Civil ومدنية Civilization، مصطلح يستخدم في التعبير والتفسير، لتمييزهما من دلالات عسكري Military ، جنائي Criminal ، ديني Religious؛ أي لتمييزهما من المجال العسكري ومن المجال الديني، دونما إنفصالهما التمييزي من المجال الجنائي. فإنه بناء عليه، إصطلاح مدني Civil يعني كلما هو علماني، أي منفصل عن شئون الدين، ومنفصل أيضاً عن الشئون العسكرية.
ولكن نتساءل، لماذا ينفصل مصطلح مدني Civil ومدنية Civilization عن الجنائي Criminal؟ والسؤال لأن القانون الجنائي بالمعى الواسع له، جزء من القانون المدني؛ ولكنه أي القانون الجنائي بمعناه الضيق، ليس جزء من القانون المدني. وتفسيرات ذلك، الدولة في القانون الجنائي تدخل بوصفها طرفاً يمثل الحق العام؛ وأما في القانون المدني بمعناه الضيق، والذي ينظم العلاقات بين المواطنين، لا تدخل الدولة طرفاً فيها (أي تنظيم العلاقات بين المواطنين)، إلا إذا تحولت العلاقات بين المواطنين إلى علاقات روابط جنائية، تكون الدولة طرفاً في العلاقات بوصفها شخص مدني(شخص معنوي) ويمثلها شخص طبيعي عادي (الدعاوي المدنية والدعاوى الإدارية والدعاوى الدستورية).
ومن التمييزات الإستخدامات العامية لمصطلح مدني Civil ومدنية Civilization بالإنجليزية والعربية، لوصف ما هو متميز من كل منّ يلبس الزي الرسميUniform من الشرطة والجيش ورصيفتهما من القوات النظامية الأخرى، وهذا التمييز لا يصدق في المعنى أن كل ما هو غير رسمي، أنه متميز من الدولة. وكذلك الحال في موسوعة ماكميلان Macmillan للعلوم الاجتماعية نجد لا دلالة معنى واحد لكلمة مدني Civil ومدنية Civilization، إذا جاءت مقرونه أو مشتقة مع كلمات أخرى. وأيضاً معجم أكسفورد الكبير أورد 19 دلالة لمصطلح مدني Civil ومدنية Civilization ولم تخرج أو تختلف دلالات المفهوم عن ما ورد وجاء من تفصيل دلالات المصطلح بحسب ما أشرنا إليه أعلاه.
ومن جملة ما تقدم، نخلص إلى أن إصطلاحي كلمتي مدني Civil ومدنية Civilization، لم ترد في القواميس والمعاجم اللغوية مقرونة بالشرطة؛ وأن تفسيرات مدني Civil ومدنية Civilization، لا علاقة ولا صفة لها بمهنة وظيفة الشرطة، من حيث تعريف مهنة وظيفة الشرطة في المفهوم والمصطلح، بأن مهنة الشرطة واحدة من أهم الوظائف في المجتمع، وتتمثل مهمتها الأساسية في الحفاظ على النظام العام، منع الجرائم، وحماية المواطنين. وأن الشرطة هيئة حكومية مسئولة عن تنفيذ القوانين وضمان الأمن، وتعمل الشرطة على تقديم خدمات متعددة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الشرطة تقوم بعمليات تنظيم حركة مرور وسير الأشخاص والمركبات على الطريق العام، والتحقيق في الجرائم وتوقيف وقبض المجرمين وتقديمهم للمحاكمة، وإصلاح وتهذيب سلوك المجرمين المحكومين والجانحين، والإستجابة الفورية لحالات الطوارئ، والقيام بعمليات ضبط وتنظيم الهوية الوطنية والأجانب، ومكافحة التهريب الجمركي، ومكافحة جرائم المخدرات، والتصدي الفعال لكافة الجرائم المستحدثة والعابرة للحدود. وأما من حيث المهام، فإن الشرطيPolice officer بالاجليزية، يقوم بالآتي:
(1) حماية المجتمع من خلال تنفيذ القوانين واللوائح.
(2) التحقيق في الجرائم وجمع الأدلة لتقديم المخالفين للعدالة.
(3) القيام بالدوريات الأمنية لضمان السلامة العامة.
(4) الإستجابة لحالات الطوارئ مثل الحوادث والحرائق والكوارث الطبيعية.
وعموماً، العمل في الشرطة يتطلب مهارات خاصة مثل: الشجاعة، النزاهة، القدرة على حل المشكلات، ومهارات التواصل الفعالة، بالإضافة إلى المعرفة بالقوانين والإجراءات الأمنية. وأن يكون فرد الشرطة على قدر من القوة واللياقة الجسمانية العالية، وتحمل المشاق، والتدريب والتأهيل المستمر. ولذلك تنظيم الشرطة تعمل كقوة نظامية Uniformed Forces أو Regular Forces وترد الشرطة قوة نظامية في سياق أجهزة إنفاذ القانون Law Enforcement Agencies (الجيش والشرطة)؛ وكما ترد الشرطة قوة نظامية عند الإشارة إلى القوات الأمنية بشكل عام Security Forces.
ولكن الذي يفيد البيان عن الشرطة وتموضع مكانتها في الدولة ومجتمع الدولة، منظرو علم الاجتماع العام وعلم الاجتماع السياسي بحسب نظرية الدمج الاجتماعي، أحد أسس ومنهجيات علم الاجتماع، يجادلون أن الدمج الاجتماعي، يتألف من ستة خطوات، وبإيجاز نلخصها في الآتي:
1. الإطار القانوني: أي القوانين والتشريعات هي التي تساعد في تحقيق التماسك الاجتماعي وضبط العلاقات بين الأفراد والجماعات داخل المجتمع. وهذه القوانين تعمل كأداة لتنظيم السلوك الاجتماعي وضمان العدالة والمساواة.
2. السلطة العامة (الشرطة)، وبحسب نظرية الدمج الإجتماعي، السلطة العامة في رمزية الشرطة، تعكس الدور الذي تلعبه المؤسسات الأمنية في تحقيق التماسك الاجتماعي وضبط النظام العام وتعزيز الشرعية السياسية. لإعتبار الشرطة ليست مجرد جهة تنفيذية للقوانين، بل هي رمز للسلطة الشرعية التي تهدف إلى حماية المجتمع وتعزيز الشعور بالأمان. والذي يهمنا، أن نشير لأهم جوانب السلطة العامة في رمزية الشرطة، ونوجزها في الآتي:
(1) الشرعية والهيبة: الشرطة تمثل سلطة الدولة في فرض القانون، مما يعزز إحترام النظام.
(2) التكامل الاجتماعي: وجود الشرطة يساعد في دمج الأفراد داخل المجتمع من خلال تطبيق القوانين بشكل عادل.
(3) الردع والوقاية: الشرطة تعمل كرمز للردع ضد الجريمة، مما يساهم في تقليل الإنحرافات الإجتماعية.
(4) التفاعل مع المجتمع: الشرطة ليست مجرد قوة تنفيذية، بل تلعب دورًا في بناء الثقة وتعزيز التعاون بين المواطنين والمؤسسات الأمنية..
3. التعاونية والمؤسسة: وهما مفهومان يعكسان تنظيم المجتمع وعلاقاته الاقتصادية والاجتماعية؛ وفي علم الاجتماع السياسي، التعاونية والمؤسسية، مفهومان يعكسان تنظيم العلاقات السياسية والاجتماعية داخل المجتمع)؛ يعتمد على التعاون بين الأفراد لتحقيق أهداف مشتركة(نفعية ومجموعة مصالح)، داخل كيان اجتماعي منظم يهدف إلى تحقيق وظائف محددة داخل المجتمع.
4. السلطة التنفيذية البيروقراطية(الخدمة المدنية أو القلم المدني): وتشير إلى النظام الإداري الذي يعتمد على القواعد والإجراءات الرسمية لتنفيذ السياسات الحكومية. وهذا النموذج يرتكز على التسلسل الهرمي، التخصص الوظيفي، والإلتزام بالقوانين لضمان الكفاءة والاستقرار في إدارة الدولة.
5. المجلس التشريعي: ويشير إلى الهيئة المسئولة عن سن القوانين وتنظيم الحياة السياسية والإجتماعية داخل الدولة. ويُعتبر المجلس التشريعي أحد أهم المؤسسات السياسية، حيث يعكس إرادة الشعب من خلال ممثليه المنتخبين أو المعينين.
6. الرأي العام: ويشير إلى الإتجاهات والمواقف التي يتبناها المجتمع تجاه القضايا السياسية والإجتماعية. ويُعتبر الرأي العام قوة مؤثرة في صنع القرارات السياسية، حيث يعكس توجهات المواطنين، ويؤثر على السياسات العامة.
ومن أهم الأراء الفكرية والفلسفية عن الشرطة، ما قال به الفيلسوف الألماني البارز/ يورغن هابرماس، فهو يرى أن الشرطة جزء من هيكل الدولة الحديثة(دولة المؤسسات)، وأن الشرطة تلعب دورًا هاماً في تنظيم العلاقة بين السلطة والمجتمع ضمن إطار القانون والديمقراطية(الديمقراطية التشاورية، والديمقراطية التواصلية، أي أن يكون هناك تواصل تشاوري بين المؤسسات الحكومية، بما في ذلك الشرطة، والمجتمع المدني - أي ذلك المجتمع المتساوي أفراده في الحقوق والحريات). وهابرماس في فلسفته، يؤكد، أن الشرطة يجب أن تعمل وفقًا لمبادئ الفضاء العام (الدولة) الذي يسمح بالحوار بين الدولة (الحكومة) والمواطنين لضمان العدالة والشرعية، أي أن تكون الشرطة ضمن هيكل الدولة في الحكومة في السلطة التنفيذية. ولذلك، هابرماس ينتقد الدولة الرأسمالية(الدولة التي يعتمد نظامها الاقتصادي على الرأسمالية، حيث يكون السوق الحر والملكية الخاصة، هما المحركان الأساسيان للنشاط الاقتصادي؛ بمعايير الملكية الخاصة: أي الأفراد والشركات يمتلكون وسائل الإنتاج. والسوق الحر: أي الأسعار تتحدد بناءً على العرض والطلب. والمنافسة: اي الشركات تتنافس بحرية دون تدخل حكومي كبير. الحد الأدنى من التدخل الحكومي: أي الدولة تتدخل فقط لتنظيم السوق وضمان الاستقرار الاقتصادي.. وفي النظام الراسمالي، تلعب الشركات الخاصة دورًا رئيسيًا في الإنتاج والتوزيع، بينما يكون تدخل الدولة محدودًا ويقتصر غالبًا على تنظيم السوق وحماية المنافسة).
ولذلك هابرماس، يعتبر الشرطة جزء من النظام السياسي، ويجب أن تخضع الشرطة لمعايير المشاركة الديمقراطية (أي التمثيل العادل والمشاركة الفعالة للمواطنين في صنع القرار السياسي)؛ والذي يهمنا بالنسبة للشرطة، الدفاع وحماية معايير المشاركة الديمقراطية، كحرية التعبير، بتوفير ضمان قدرة الأفراد على التعبير عن آرائهم دون خوف من القمع؛ والمساءلة، بأن يكون للمواطنين قدرة على محاسبة المسئولين الحكوميين، وأن تعمل الشرطة على الدفاع وحماية هذا الحق)؛ حرية التجمع، بأن تعمل الشرطة على الدفاع وحماية السماح للمواطنين بتنظيم الإجتماعات والمظاهرات السلمية وفق القانون). وبمعنى آخر، يرى هابرماس، أن لا تكون الشرطة مجرد أداة لتنفيذ القوانين، بل يجب أن تكون وسيطًا بين المجتمع والدولة (الحكومة)، لضمان التوازن بين السلطة والحقوق والحريات. وكما هابرماس، يناقش أهمية القانون والديمقراطية التشاورية والتواصلية في تشكيل دور الشرطة، حيث يرى أن المجتمعات الحديثة تحتاج إلى مؤسسات أمنية شفافة تعمل وفقًا لمبادئ التواصل والتشاور والتفاهم بين المواطنين والسلطة. وللحديث بقية.
فريق شرطة(حقوقي)
د. الطيب عبدالجليل حسين
المحامي إستشاري القانون والموثق
19 مايو 2025م
📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات