سابقة قضائية عن مواجهة الخصوم

موجز الاخبار

سابقة قضائية عن مواجهة الخصوم


للمزيد من الاحكام القضائية تابع مجلة الاحكام  القضائية السودانية بالضغط هنا 

 بسم الله الرحمن الرحيم

المحكمة العليا

دائرة ولايتي البحر الاحمر وكسلا

الدائرة المدنية / بورتسـودان


أمــام :


السيد / عبدالروؤف حسب الله ملاسي ....... رئيسا .

السيد / ابراهيم محمد المكي....... عضوا .

السيد / ابراهيم محمد حمدان ....... عضوا .


دفع الله محمد عمر ..... الطاعن .


ضــــد


ماهر محمد ماهر ..... المطعون ضده .


م ع/ ط م /193/2003م


الحكـــــــم

هذا طعن عن طريق النقض ضد قرار محكمة استئناف ولاية البحر الاحمر بالنمرة أ س م/217/2003م قدمه الاستاذ / فتح العليم ابراهيم الشـيخ المحامي نيابة عن موكله الطاعن 0

 قبلنا الطعن شكلا واعلن المطعون ضده بالعريضة واودع رده وبذلك يكون الطعن جاهزا للفصل فيه علي الوجه التالي :

 اقام المدعي الدعوي المدنية رقم ق م /299/2003م امام محكمة القاضي الجزئي من الدرجة الثانية بورتسودان في مواجهة المدعي عليها مؤسسا دعواه علي انه وبتاريخ 8/10/2003م اتفق مع المدعي عليه الاول (علي ما يبدو) علي شراء عدد (65) جوالا من السكر سعر الجوال 66 الف جنيه بمبلغ 4.29.000 جنيه ، وقد حوّل اليه ذلك المبلغ بواسطة المدعي عليه الثاني عن طريق بنك التضامن فرع كسلا لكنه لم يستلم البضاعة موضوع العقد وطلب الحكم له في مواجهة المدعي عليهما بالتضامن والانفراد بدفع المبلغ المذكور او تسليم عدد 65 جوال سكر والرسوم والاتعاب 0 

في رده علي الدعوي اقر الدفاع بالاتفاق واستلام المبلغ وقيمة البضاعة ودفع بتسليمه للمدعي بواسطة المدعو آدم محمد آدم وطلب شطب الدعوي 0

 بعد صياغة الاقرارات ونقاط النزاع سمعت المحكمة دعوي المدعي فقط وقفلت قضية الدفاع لفشله في تقديم دعواه واصدرت حكما تحت المادة 66 من قانون الاجراءات المدنية للمدعي بطلباته في مواجهة المدعي عليه الاول وشطب الدعوي في مواجهة المدعي عليه الثاني 0

بالاستئناف للمحكمة المدنية العامة تايد ذلك الحكم بموجب مذكرتها بالنمرة أ س م/127/2003م وباستئناف ذلك الحكم لمحكمة استئناف ولاية البحر الاحمر صدر حكمها بالنمرة اعلاه بشطب الاستئناف ايجازيا 0

اسباب الطعن :

اولا: مخالفة الحكم للقانون وقواعد العدالة الطبيعية اذ ان المدعي عليه لم يعلن الا لجلسة واحدة صادفت عطلة رسمية وقد علم بالجلسة المحددة للحكم مصادفة عندما احضر شهوده ورفضت المحكمة سماعهم 0

ثانيا: لم يتم اعلان الطاعن شخصيا لتقديم دفاعه وانما ظهر محاميه الذي لا يعتبر وكيلا مفوضا بقبول الاعلان 0

ثالثا: اخطأت محكمة الموضوع في تطبيق المادة 61 (2) من قانون الاجراءات المدنية برفضها سماع بينة المدعي عليه التي احضرها لاحقا 0

رد المطعون ضده بالآتي :

اولا: لم يخالف الحكم المطعون فيه القانون وقواعد العدالة الطبيعية لان علم محامي الطاعن يفترض فيه علم الطاعن وفقا لوكالته العامة بمقتضي قانون المحاماة لسنة 1983م 0

ثانيا: حددت للمدعي عليه ثلاث جلسات لسماع قضيته وكان يمثله فيها محاميه مما يعني علم الطاعن بالجلسات المذكورة ولا يقبل عذره بعدم اتصال المحامي بموكله ، ولم تخالف المحكمة نص المادة 40 (2) من قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983م 0

وطلب شطب الطعن .

الثابت من المحضر ان المدعي عليه الاول كان يقيم في احد الفنادق ببورتسودان وقد حضر جلسة واحدة هي جلسة 8/6/2003م والتي سمعت فيها قضية الادعاء كاملة وكانت محددة اصلا لسماع قضيتي الادعاء والدفاع ولم توضح المحكمة لماذا لم تسمع المدعي عليه في تلك الجلسة كما انها لم تعلن المدعي عليه قضائيا لحضور الجلسة المؤجل لها السماع يوم 16/6/2003م 0

 في جلسة 16/6/2003م حضر محامي المدعي عليه وابدي عذرا بعدم علمه بعنوان موكله وبايقاف خدمة تلفونه ، وطلب مهلة اخري وامهل حتي جلسة يوم 22/6/2003م وفي تلك الجلسة لم يتمكن المحامي من احضار المدعي عليه الاول لانه غادر الفندق وتلفونه مقطوع منه الخدمة وطلب تطبيق نص المادة 303 من قانون الاجراءات المدنية لامهاله مدة اخري ولم تستجب له المحكمة وقفلت قضية الدفاع تاسيسا علي ان المدعي عليهما اخفيا نفسيهما للحيلولة دون موالاة الاجراءات مما يعني انهما ليسا جادين في تقديم قضيتهما 0

 تنص المادة 66 من قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983م علي حالة تخلف الاطراف او احدهم في اليوم المؤجل له السماع وفي هذه الحالة يجوز للمحكمة ان تصدر ما تراه مناسب من احكام او اوامر، والسؤال الان هو : 

هل طبقت محكمة الموضوع نص هذه المادة تطبيقا صحيحا بمعني هل كان قفل قضية الدفاع واصدار حكم ضد المدعي عليه الاول امراً مناسبا ؟ 

لقد اسست محكمة الموضوع حكمها علي عدم جدية المدعي عليهما في تقديم قضيتهما وانهما اخفيا نفسيهما او اختفيا ، ولا اجد سندا لذلك في المحضر لان مكان عملهما بكسلا ، فالاول منهما كان يقيم بفندق ببورتسودان وقد غادر ذلك الفندق وباءت محاولات محاميه الاتصال به بالفشل لظروف خارجه عن الارادة وهي قفل او قطع هاتفه ، وقد كان المحامي ، حسب توكيله بنص المادة 59 من قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983م وحسب واجباته في نص المادة 29 من قانون المحاماة لسنة 1983م ، حاضرا وجادا في احضار موكليه امام المحكمة لكنه لم يوفق  ، وبما ان المادة 66 من قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983م تتعلق بتخلف الاطراف عن السماع المؤجل فان المقصود من ذلك هو سماع البينات ، والمحامي لا يقدم تلك البينات انما يساعد موكله في تقديمها مما يعني ان الحضور الشخصي للمدعي عليه وتقديم قضيته او اعلانه شخصيا بذلك هو المحك الذي يعوّل عليه ، وبما انه لم يثبت اعلان المدعي عليه لجلسة السماع التي صدر فيها الحكم ولا سابقتها حتي يتمكن من تقديم قضيته او احضار شهوده فلا يجوز اعتباره مختفيا او غير جاد في ذلك لا سيما وان المدعي عليه منوط به اثبات نقطة من نقاط النزاع جوهرية 0

 عليه اري ان قفل قضية الدفاع لم يكن (مناسبا) وكان حريا بمحكمة الموضوع تحقيق العدالة بموجب سلطاتها الواسعة بنص الفقرة (2) من المادة 303 من قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983م باعطاء المدعي عليه الفرصة لاحضار شهوده وسماع قضية الدفاع بدلا عن قفلها، اما المادة 61 (2) من القانون المذكور فلا تطبق في هذه الحالة لانها خاصة بالظهور الاول 0

لهذا اري قبول الطعن والغاء احكام المحاكم الادني واعادة الاوراق لمحكمة الموضوع لسماع قضية الدفاع واصدار حكمها اذا وافق الزميلان المحترمان 0


ابراهيم محمد حمدان

قاضي المحكمة العليا

بورتسودان

26/1/2004م


اتفق مع الزميل ابراهيم حمدان فيما توصل اليه من حيث التسبيب والنتيجة ولا شيء مفيد يمكن اضافته 0


ابراهيم محمد المكي

قاضي المحكمة العليا

بورتسودان

27/1/2004م

اتفق مع الزملاء (في النتيجة) علي ضؤ اسباب مغايرة اوردها علي وجه التفصيل الآتي :

لقد اثار اخي (ابراهيم حمدان) مسائل جديرة بالمناقشة حول :

(1) معني التخلف في جلسة (السماع المؤجل) بموجب م (66) اجراءات مدنية لسنة 1983م 0

(2) مسؤولية المحامي الوكيل في مرحلة السماع وهل يعتبر مثوله في جلسة السماع (حضور) يمنع تطبيق م (66) ام ان حضور الخصم الذي ستسمع بينته (بشخصه) هو المعني (بغياب الخصوم) في جلسة السماع المؤجل الذي عنته هذه المادة ، واذا بذل المحامي كل جهد لاحضار او اخطار موكله وبذل العناية المطلوبة كمحامي فهل ينسحب اثر ذلك علي (موكله) الخصم الغائب ام ان الخصم يحاسب باعتبار ان غيابه يبرر اتخاذ الاجراء المناسب حياله وهو( قفل قضية الدفاع وحجز الدعوي للحكم 0)

واناقش المسائل المطروحة علي وجه التفصيل التالي :

اولا: المستقر نصا وفقها كقاعدة عامة ان ظهور الخصوم في الدعاوي يكون بمثول الخصوم (بشخوصهم) او (بمن يمثلونهم من الوكلاء والمحامين) ويعتبر (حضورهم)  في الاصل  حضور للخصوم . انظر 58 (1) اجراءات مدنية لسنة 1983م ،" في اليوم المعين لنظر الدعوي يحضر الاطراف بانفسهم او من يوكلونه من المحامين" كما يقبل ظهور وكلاء الاطراف المفوضون بموجب توكيل موثق من جهات رسمية) الفقرة (3) من هذه المادة 0

وتنص م 59 (اجراءات مدنية لسنة 1983م) علي (نطاق التوكيل بالخصومة) وحدوده كالآتي :

التوكيل بالخصومة يخول الوكيل سلطة القيام بالاعمال والاجراءات اللازمة لرفع الدعوي ومتابعتها والدفاع فيها الي ان يصدر الحكم في موضوعها في درجة التقاضي التي وكل فيها واعلان الحكم وقبض الرسوم والمصاريف وذلك بغير اخلال بما اوجب فيه القانون تفويضا خاصا 0

وبالتالي فالمستفاد بصفة (عامة) و (مبدئية) من استقراء هذه النصوص الآتي ان الاصل هو :

(أ) ان القانون يخول للمحامي او الوكيل حق الظهور في الدعوي وتمثيل الخصم الذي اوكله في نطاق وحدود ما تقره الوكالة بالخصومة الواردة في المادة (59) اجراءات مدنية لسنة 1983م 0

(ب) بالتبعية ان غياب المحامي كوكيل خصومة او غياب الوكيل العادي بتوكيل موثق من اي اجراء من اجراءات الدعوي او في اي جلسة من الجلسات هو ، بمقتضي وكالة الخصومة وقواعد الحضور والغياب المنصوص عليها في المواد (60 الي 66) ، يفترض بصفة مبدئية انه عدم حضور او غياب للخصم الاصيل يخول اتخاذ اي اجراء ضده في حالة غياب وكيله بالخصومة باعتباره (غياب للاصيل نفسه) من الوجهة القانونية الاجرائية ، كما ان ظهور الوكيل بالخصومة في اي اجراء اثناء نظر الدعوي (وفق م 72 الي 83) اجراءات فيعتبر (بصفة مبدئية) هو ظهور عن الخصم الاصيل وغيابه غياب (للخصم الاصيل) بما يخول مبدئيا اتخاذ اي اجراء ضد الاصيل يجيزه القانون (بسـبب غياب او تخلف الوكيل بالخصومة) 0

ثانيا: والسؤال او التسـاؤل الجوهري الهام الذي طرحه (اخي ابراهيم حمدان) تبعا لذلك هو :

 اذا كان المحامي كوكيل للخصومة او الوكيل العادي يمثل الخصم في اجراءات الدعوي فهل تستني (اجراءات سماع الدعوي) من هذه القاعدة في حالة (تحديد جلسة لسماع الخصم وادلته في الدعوي) ؟ وهل ظهور المحامي في جلسة السماع يغني عن حضور الخصم بشخصه باعتبار ان مرحلة السماع اجراء (خاص) يتطلب سماع (الخصم شخصيا) وسماع ادلته وليس سماع محاميه الذي تقتصر وكالته علي (التمثيل الاجرائي) وليس (التعبير عن ارادة الخصم الاصيل في السماع) ؟ واذا ظهر المحامي  في جلسة السماع وغاب الخصم (الاصيل) الواجب سماعه وسماع اقواله ثم سماع ادلته فهل يحاسب (الخصم الاصيل) في هذه الحالة ويصدر ضده ما تراه المحكمة من اجراء مناسب رغم ظهور محاميه ام ان الخصم لا يحاسب متي ثبت باسباب او مبررات معقولة وكافية ومنطقية بررت غيابه بما ينفي محاسبته او توقيع اي اجراء عقابي عليه ؟

وهذا التساؤل اجاب عليه اخي ابراهيم حمدان ووافقه اخي ابراهيم المكي بالآتي :

(1) مرحلة السماع كاجراء قضائي تختلف عن جميع الاجراءات الاخري التي يخول القانون فيها المحامي تمثيل موكله والظهور عنه والدفاع عنه ، فكل الاجراءات لا تتطلب (ظهور الخصم بشخصه) ويمكن للمحامي مباشرة الاجراءات دون حاجة الي ظهور موكله في الجلسات من تصريح عريضة الي تقديم مذكرات الي تحديد نقاط النزاع وهي المراحل السابقة علي اجراءات السماع 0

(2) ( اجراءات السماع) هي الاجراء الذي يتطلب وجوبا (ظهور الخصم بشخصه) او وكيله الذي يعبر عن ارادته ، ويمكن سماع اقواله (مقام الاصيل) ، واما بالنسبة للمحامي فوظيفته (تمثيل الخصم في الظهور فقط) للدفاع ويمكنه استجواب الشهود انابة عن الخصم او استجواب الخصم الاخر ، والمحامي بحكم وظيفة ومهنة المحامي التي لا تجيز له الادلاء باقواله انابة عن الخصم او استجوابه كمحام انابة عن الخصم وبالتالي فدور المحامي (كوكيل خصومة) له وظيفة قانونية لا تخوله ان يحل مقام موكله الاصيل في (مرحلة السماع) والتي يجب علي الخصم ان يظهر فيها شخصيا في مرحلة سماع دعواه او المرحلة (التي يكلف فيها موكله بتقديم قضيته وادلته) بحسب ترتيب اجراءات السماع ، اذ لا يجوز للمحامي ، في مرحلة سماع قضية موكله امام المحكمة ، الا الظهور كدفاع ولا يجوز له ان يقوم مقام الخصم الموكل بان تسمع اقواله كمحام انابة عنه 0

(3) طالما اوجب القانون في (مرحلة سماع دعوي الخصم الموكل) ان يمثل الخصم بشخصه او وكيله المعبر عن ارادته في السماع فان المفروض ان يكون هذا الخصم معلنا او عالما بجلسة السماع التي سيدلي فيها باقواله سواء (حضر ام لم يحضر محاميه) لان ظهور المحامي في جلسة سماع اقوال موكله لا تغني عن (ظهور الخصم) شخصيا باعتبارها المرحلة الوحيدة التي يجب ظهور الخصم فيها 0 

(4) اذا ظهر المحامي (بجلسة السماع) بحق الظهور القانوني لتمثيل الدفاع واتضح ان (المحامي) لم يخطر موكله بالجلسة المحددة لسماع اقواله وادلته او استحال او فشل في الاتصال بموكله وكان اعلان المحكمة (للمحامي) دون (موكله بشخصه) فانه يجب قبول ما يورده المحامي من اسباب معقولة لعدم التمكن من اخطار (موكله للحضور للسماع) ، وفي القضية الماثلة قدم المحامي اسباب كافية لفشله في العثور علي موكله لاخطاره بجلسة السماع 0

(5) طالما ان (غياب الخصم) كان لعذر مقبول لعدم تمكن محاميه من ابلاغه بالجلسة وكان محاميه جادا في ابلاغه وطالما ان (جلسة السماع) المقصود منها سماع قضية الموكل شخصيا ثم ادلته فانه لابد من (اعلان الخصم شخصيا) للسماع لان المحامي مجرد معاون للخصم وليس معبرا عن ارادته وبالتالي فلا يجوز اعتبار الخصم غير جاد في تقديم قضيته ، لان سماع البينة يعني سماع الخصم شخصيا او ادلته بما يجعل القرار بقفل دعوي الدفاع لهذا السبب ( امراً غير مناسب) ، وكان من المفترض في هذه الحالة تطبيق م 303(2) اجراءات لتحقيق العدالة واعطاء المدعي عليه فرصة تقديم دعواه وادلة قضيته ، ولا سند لتطبيق م (66) اجراءات في الحالة المعروضة لان للخصم محامي ظهر يمثله في الجلسة وغاب الخصم وبينته لعدم علمه او اعلانه بجلسة السماع ، ومن شروط هذه المادة تخلف الاطراف وبينتهم مع (علمهم بالجلسة المحددة للسماع المؤجل ) وانها محددة لسماع قضيته . كما ان المادة 61(2) لا مجال لتطبيقها في الحالة المعروضة لانها تتعلق بالاجراءات والاحكام التي تصدر في حالة الغياب او عدم الحضور للجلسة الاولي المحددة لنظر الدعوي ، ولا تشمل الظهور او الغياب في الجلسات اللاحقة 0

حقيقة لقد قدم اخي ابراهيم وجهة نظر وفهم سبق ان بينته في هذه الدائرة ولم يري النور لاختلاف وجهات النظر وان كنت متفقا في كل ما ذهب اليه من الوجهة القانونية البحتة حول (وظيفة المحامي) في مرحلة السماع ووجوب علم الخصم ( الموكل ) بجلسة السماع لانه المناط به سماع اقواله واستجوابه في هذه المرحلة وليس المحامي لان وكالته (تمثيل خصومة) و (ليس تعبير عن ارادة الاصيل الموكل في الوقائع المدعي بها ) ، ولان عبء تقديم الاقوال يقع علي الخصم شخصيا او وكيله (الذي خول له التعبير عن ارادته فيما يدعيه من وقائع) ، وبشرط ان يكون الخصم (عالما) بهذه الجلسة او معلن لها ولا يكفي (علم محاميه بالجلسة) المذكورة0

 الا انني في ذات الوقت اري بالنسبة لهذه القضية ورغم اتفاقي مع الزملاء من الوجهة القانونية البحته في فهم وتفسير النصوص ان اتفاقي معهم بالنسبة للاسباب الوقائعية يقتصر علي (النتيجة) علي ضؤ (اسباب اخري) ولما يلي من تفصيل :

اولا: في تقديري ، كما ذهب الزملاء ، فان مرحلة السماع المحددة لسماع الخصم هي مرحلة فعلا تختلف عن كل الاجراءات الاخري والتي يمكن ان يمثل فيها المحامي ويدافع فيها عن (موكله) من خلال واجبه القانوني كوكيل خصومة ولا تحتاج عادة للظهور الشخصي للخصم الموكل ويمكن ان يباشرها المحامي في (غيابه) 0 

اما مرحلة  السماع للخصم فالمعني بها (الخصم شخصيا) وهذا ما نصت عليه صراحه المادة (83) فقرة (1) اجراءات مدنية لسنة 1983م بالآتي :

في الجلسة المحددة للسماع تبدأ المحكمة في سماع الخصم الذي يقع عليه عبء الاثبات والادلة التي يستند عليها ثم تسمع الخصم الاخر وادلته 0

وواضح من صياغة النص (وجوب سماع اقوال الخصم او وكيله المعبر عن ارادته) لان السماع هو محك المواجهة المباشرة بين الخصوم  ولا يجوز لغير الخصم شخصيا او وكيله المخول بالتعبير عن ارادته الادلاء باقواله ، والمقصد التشريعي في تقديري من وجوب سماع الخصم شخصيا او وكيله المعبر عن ارادته في الوقائع المدعي بها  ليمكّن كل طرف من اطراف النزاع عن طريق استجواب خصمه او الوكيل المعبر عن ارادة الاصيل في الوقائع (المدعي بها) لاستجلاء اي معلومة او واقعة او (اقرار) من خصمه تفيد قضيته ، ولا يستطيع استخلاصها الا من (خصمه شخصيا) لان هنالك كثير من الوقائع والمسائل قد يدركها اطراف الخصومة انفسهم او وكلائهم المعبرين عن ارادتهم في هذه الوقائع والمسائل ولا يدركها غيرهم من الشهود ، وهو الامر الذي حدا بالمشرع الي النص علي ان السماع يبدا بسماع اقوال الخصم بشخصه او (وكيله المعبر عن ارادته حقيقة) مما يتيح للطرف الاخر (استجوابه) بموجب م (91)(1) اجراءات مدنية لسنة 1983م لاستجلاء حقائق يعلمها خصمه دون غيره وغياب الخصم بشخصه او غياب وكيله المعبر عن ارادته يحرم (الخصم) من استجوابه شخصيا لاستجلاء واستبيان الحقائق والوقائع التي يريدها من خصمه شخصيا والتي قد تكون اقراراً لصالح الخصم والمادة (91) /1 تقرر صراحة :

" يجوز لكل خصم في الدعوي ان يستجوب خصمه 0"

وهذا النص مقصود منه اتاحة الفرصة السالف ذكرها للخصم بان يواجه خصمه بالاسئلة والاستجواب المباشر ليتوصل من خلاله الي استجلاء او استبيان حقائق او وقائع او معلومات معلومة لطرفي الخصومة دون غيرهم ، وكما اسلفت فان استجواب الخصم لخصمه او وكيل الخصومة المعبر عن ارادة الاصيل بالنسبة للوقائع محل الخصومة يحقق عدالة الاجراءات وعدالة الحكم وقد يرتب حسما لمسائل ترد علي لسان الخصم المستجوب دون السماع لبينة اخري من شهادة شهود وغيره حولها ، وبالتالي ففي السماع يجب ان يسمع الخصم بشخصه او يجب سماع وكيله باعتباره المعبر عن الخصومة والمعبر عن ارادة الاصيل لان كثير من الوقائع والحقائق قد يدركها الوكيل ولا يدركها الاصيل نفسه ، لان تعامل الخصم مع خصمه حول الوقائع مباشرة يكون بين الوكيل والخصم في غياب (الاصيل) بما يجعل استجواب الوكيل كخصم في السماع اجراء وجوبي لانه الطرف الذي سيمكن الخصم الاخر من استجلاء الحقائق والوقائع التي يريدها من خلال الاستجواب خصمه ، وقائع (يدركها الوكيل شخصيا ) ولا يدركها (الاصيل) بما يجعل (استجواب) الوكيل هو الاجدي للخصم الاخر وهو الاعدل في اجراءات السماع ، وعليه فبمنطوق م (83) 91، (1) اجراءات فالواجب في السماع حضور الخصم شخصيا للادلاء باقواله والبدء بتقديم قضيته او استدعاء وكيله الذي ارتبط بالوقائع محل النزاع معبرا عن ارادة الاصيل بما يمكن طرف الخصومة الاخر من استجوابه ( والا فقد الاستجواب للخصم معناه وفائدته) لانه سيكون استجواب لشخص لا يستفاد منه ولا يرجي الخصم (استجلاء اي معلومة او واقعة او حقائق او اقرار بواقعة) من ذلك الاستجواب لانه يستجوب شخص ( لا ادراك له بحقائق الامور بين الخصم والاخر) . وعليه اتفق في هذه الجزئية مع اخي ابراهيم بان (السماع) مرحلة تخوّل للخصم بموجب م 83 (1) ، 191(1) حق الاستجواب المباشر لخصمه او استجواب مباشر لوكيل الخصم الذي كان معبرا عن ارادة الخصم في الوقائع محل الخصومة ولا يدركها الا من كان طرفا مباشرا فيها ، مع ملاحظة ان اقوال الخصوم لا تعتبر بينة ابتداء بموجب المادة (23) من قانون الاثبات لسنة 1993م ، بل هي اقوال قصد منها المشرع ان يبين الخصم بصورة مباشرة في السماع كل الوقائع المدعاة من جانبه بصورة مفصلة وفي ذات الوقت يتيح لخصمه الاخر استجلاء اي حقائق او وقائع او معلومة يريدها من خصمه مباشرة او وكيله المعبر عن ارادته من خلال (الاستجواب) الذي عنته م 91(1) (يجوز لكل خصم من الدعوي ان يستوجب خصمه) ،بما يتيح للخصم ، كما اسفلنا ، فرصة استجلاء كل ما يريده حتي الاقرار بوقائع تخدم قضيته من مسائل وامور يدركها اطراف الخصومة دون غيرهم من الشهود ، فالشهود قد يشهدون في وقائع محددة او تطلب شهادتهم في (نطاق محدد) وهنالك مسائل ووقائع لا يدركها او يعلمها الا الاطراف في الخصومه وبالتالي فالاستجواب المباشر لكل خصم لخصمه هو الذي يحقق استخلاص هذه الوقائع الخاصة القاصر علمها علي طرفيها وهو الذي يحقق للخصم (الوصول) اليها من (لسان واستنطاق خصمه بصورة مباشرة) 0

وعليه فان المبدا الذي نقره هو ان الحضور الشخصي للخصم للادلاء باقواله او حضور الوكيل  المرتبط بالوقائع المعروضة في السماع والتي عبر عنها عن (الخصم) ، هو امر نص عليه القانون في م 83(1) ، 91(1) صراحة ومن حق الخصوم الاصرار علي استدعاء هؤلاء الخصوم او الوكلاء المعبرين عن اراتهم بصورة مباشرة لاستجوابهم كحق قانوني وبالتالي فالمحامي وان كان وكيلا قانونيا خوله القانون ممارسة المحاماة كمهنة ووظيفة قانونية بموجب احكام قانون المحاماة لسنة 1983م وان كان قانون المحاماة في م (5) يمنح المحامي رخصة مهنة المحاماة وان كان قانون الاجراءات المدنية في م (58)(1) تخول للمحامي ممارسة وظيفته القانونية المهنية من خلال (الظهور) امام المحاكم او تمثيل الخصوم ، فان كل ذلك لا يخول ان تسمع اقوال المحامي في السماع انابة عن الخصم الذي اوكله او ان (يستجوب الخصم) المحامي باعتباره وكيل خصومة عن موكله ، لان وكالة الخصومة التي يمثلها المحامي (هي وظيفة قانونية) لا ترتبط  بارادة الاصيل او الوقائع التي عبر او يعبر عنها الاصيل وكانت السبب في النزاع مع الغير الذي يقاضيه ، فالمحاماة مهنة ووظيفة للدفاع القانوني بما للمحامي من قدرة مهنية قانونية في فهم القانون ومعاونة الخصوم والمحكمة في تحقيق حكم القانون وسيادته وتحقيق العدالة من خلال هذه الممارسة القانونية البحتة والذي يؤكد ان دور المحامي في السماع يقتصر علي واجب قانوني بحت وليس واجب وقائعي انابة عن موكله الذي اوكله في اطار اداء الواجب القانوني الوظيفي المهني هو ما نصت عليه صراحة المادة (25) من قانون المحاماة لسنة 1983م التي تفرق بين المحامي الذي يمارس المهنة كمحام في الدفاع عن الغير وبين (المحامي الذي يكون (هو الخصم في الدعوي) او هو الوكيل المعبر عن ارادة الخصم في الدعوي بما يجعله خصم في الدعوي ، ففي الحالتين للمحامي حكمه القانوني بموجب هذا النص علي النحو التالي :

(أ) اذا كان المحامي هو خصم اصيل في الدعوي في اي قضية فان ظهوره يكون باعتباره احد اطراف الخصومة في الدعوي وليس كمحام عن نفسه ويعامل كخصم اصيل وفي هذه الحالة له ان يوكل (محام اخر) للدفاع عنه او تمثيله في الدعوي ، ويمارس المحامي الموكل نفس دور المحامي العادي مع (الخصم الذي اوكله) حتي وان كان (في الاصل محام) ، هذا ما لم يدافع عن نفسه (دون حاجة لمحام) ولكن (باعتباره خصم) وليست تحت حصانة مهنة المحاماة القانونية 0

(ب) اذا كان المحامي وكيلا عن خصم في الدعوي ( اي يظهر بوكالة خصومة تعبر عن الاصيل) وليس ظهورا كمحامي يمارس وظيفة ومهنة فان المحامي (الوكيل) يكون هنا شأنه شأن اي وكيل عادي يدلي باقواله كمعبر عن خصومة من اوكله ويجوز اسـتجوابه بهذه الصفة لا بصفة (المحاماة) القانونية 0


(ت) اما ان كان المحامي ليس باصيل كخصم في الدعوي وليس وكيل يعبر عن اراء احد الخصوم بصورة مباشرة بما يجعله خصم في الدعوي ، وكان عمله ممارسة الدفاع القانوني بوظيفته المهنية كمحام يحكم ادائه قانون المحاماة فيعامل كمحام ولا يجوز السماح باستجوابه او اخذا اقواله انابه (عن الخصم) او يعبر عن اقوال الخصم وارادته بما يسمح باستجوابه ، وفي هذه الحالة يقتصر دور المحامي علي (الاداء المهني القانوني البحت) 0

(ث) اما الوكيل العادي غير المحامي فهو في الاصل وكيل تقاضي ولا يمارس مهنة او وظيفة قانونية ( حتي ولو كان عالما بالقانون) ولا يحق له ان يمارس الوكالة كمهنة تجعله في مقام المحامي المرخص له وبالتالي فان ظهوره جائز في كل الاجراءات وحتي في مرحلة السماع تؤخذ اقواله ويستجوب بموجب م 83(1) ، 91(1) اجراءات لانه يعبر عن ارادة الخصم في الوقائع المطروحة ويكون اقواله واستجوابه بسبب هذه الخصومة .

     وهذا هو الفرق بين (الوكيل العادي في الخصومة) وبين (المحامي الوكيل القانوني الممارس لمهنة ووظيفة قانونية) ، والوكيل العادي الذي عنته م (58(1) (ب) 3،2 اجراءات مدنية لسنة 1983م ) هو الذي يوكل بعقد موثق ليعبر عن الاصيل ويقوم مقامه ، وقد عرفته المادة (416) من قانون المعاملات لسنة 1984م : " الوكالة عقد يقيم بمقتضاه شخصا اخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم 0"

ومن ثم  فالمحامي وان كان (وكيل خصومة) الا ان (وكالته) القانونية لا تخوله ان يقوم مقام موكله الخصم في (السماع) عن طريق سماع اقواله واستجوابه اسوة بالوكيل العادي الذي لا يجوز له الادلاء باقواله عن الاصيل في السماع ولا يجوز لخصم الاصيل استجوابه كخصم بموجب م (91)(1) اجراءات مدنية لسنة 1983م ، ووكالة المحامي بموجب صريح نصوص قانون المحاماة (وكالة اداء وظيفة قانونية) للدفاع القانوني اما الوكالة العادية (فهي وكالة تعبر عن ذات ونفس الموكل في اقواله و تصرفاته) كما لو كان هو الاصيل المعبر عن (ارادته) في السماع 0

(هـ) واري اخيرا في هذه الجزئية وعلي سبيل الاستطراد والمناقشة العرضية اضافة المناقشة التالية حول التفرقة بين الخصم الذي يرفع الدعوي والخصم الذي ترفع عليه الدعوي ( والخصم في الوقائع) ، وفي تقديري ان للفظ الخصومة معني (عام) ويشمل كل خصمين في اي نزاع وللخصومة ومعني اخر (خاص) يتعلق بالخصومة في الوقائع او في مسالة او جزئية معينة يكون الخصم المباشر فيها هو طرف اخر غير الاصيل رافع الدعوي كمدعي خصومة ، رغم ان اثر الخصومة في الوقائع تعود نتيجته للمدعي الخصم رافع الدعوي ، وقد نبعت هذه التفرقة بين (خصم الدعوي) و (خصم الوقائع) من واقع التجربة العملية والتطبيقية لقواعد البينة والاثبات علي ضؤ الاصول الشرعية لمعني الخصومة ومن امثلة (خصومة الوقائع) حالة الوقائع المرتبطة بالنزاع ويكون طرفها شخص اخر غير الاصيل كالوكيل او النائب الذي يباشر اي علاقات عقدية او تعامل او تصرف مع الغير انابة ووكالة عن الاصيل ورغم ان اثر كل هذه التصرفات تنسب للاصيل في النهاية الا ان طرفها المباشر مع الغير هو (الوكيل او النائب) وليس الاصيل الذي قد لا يدرك او لم يكن طرفا في اي وقائع وقد لا يعلم تفاصيلها لبعده عن مباشرة التصرف ويكون المدرك لها والعالم بتفاصيلها هو الوكيل او النائب ، وبالتالي يكون الوكيل او النائب هو الخصم الاصيل في الوقائع التي تمت علي يده مباشرة مع الغير ، في حين يكون الخصم الاصيل رافع الدعوي والنزاع غير مدرك وغير مرتبط بالوقائع المسببة للدعوي او تفاصيلها لانها وقائع باشرها الوكيل او النائب .

وقد افرز الواقع التطبيقي العملي الاشكالات الآتية :

اولا: يرفع الخصم الدعوي (كمدعي) علي خصمه (المدعي عليه) ورغم انه (صاحب المنازعة والخصومة) الا ان (الوقائع) التي انبنت او ارتكزت عليها الدعوي وتفاصيلها تمت علي يد الوكيل او النائب بما يجعل (الوكيل) في اي مناقشة للنزاع حول الوقائع هو الطرف الاصيل في الوقائع وان لم يكن مختصماً في الدعوي 0

ثانيا: اثبتت التجربة ان مرحلة سماع الدعوي هي (محك) الخصومة الحقيقي بين خصمي الدعوي والذي يتواجه في ظله اطراف الدعوي (بصورة مباشرة ) ، وبالرجوع الي نصوص قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983م فأنه يتحدث تارة عن المدعي والمدعي عليه دون استخدام كلمة (خصم) وفي احوال معينة يورد النص بلفظ (الخصم او الخصوم) دون استعمال لفظ (اطراف الدعوي او النزاع) ، وهذه الالفاظ مترادفات للتعبير عن الخصوم في الدعوي الا ان (مرحلة السماع) تتميز عن باقي الاجراءات بانها (الخصومة مباشرة ) حيث يواجه الخصم خصمه لاول مرة لسماع اقوال خصمه وادلته ، وهي المرحلة التي يحق فيها للخصم ولاول مرة (الاستجواب المباشر لخصمه) بما يمكن من استجلاء اي واقعة او مسالة معلومة لدي الخصم او اقرار بواقعة او مسالة يعلمها طرفا الخصومة دون غيرهم من الشهود . والمواد التي اشرنا اليها 83(1) ، 91(2) تعبر صراحة عن هذه المقاصد بان يواجه الخصم خصمه بشخصه ويواجهه باسـتجوابه (بصورة مباشرة) .

م(83) (1) اجراءات في الجلسة المحددة للسماع :

(1) في سماع الخصم الذي يقع عليه عبيء الاثبات والادلة التي يستند عليها 0

(2) ثم تسمع الخصم الاخر وادلته 0

وهذه المادة (صريح مقصدها) ، وهو وجوب ان يبدا الخصوم بالادلاء (باقوالهم) وتسمعها المحكمة كجزء من محضر السماع ، وسماع الخصم هنا ليس (باعتباره شاهد) بل ليدلي بما يدعيه من ادعاء او وقائع خاصة بالنزاع بينه وبين الطرف الاخر ، وفي ذات الوقت لم يكتف المشرع بوجوب ان تسمع اقوال الخصم شخصيا باعتباره الاصل (في السماع) بل اجاز لكل طرف حق (استجواب خصمه) لانه من خلال ذلك الاستجواب يستخلص من خصمه ما يدعم دعواه باي وقائع او مسائل لا يستطيع الحصول عليها من الشهود او غيرهم ( لانها معلومة يعلمها الخصم المستجوب) ، وقد يترتب علي الاستجواب ان يتحصل الخصم من (خصمه) علي اقرار بوقائع ومسائل لم يكن له ان يتحصل عليها (لولا هذا الاستجواب) الذي عبرت عنه المادة (91) اجراءات مدنية لسنة 1983م فقرة (1) بقولها :

(يجوز لكل خصم في الدعوي ان يستجوب خصمه ويجوز للخصم الذي يطلب شاهدا ان يعيد سؤاله بعد استجواب خصمه .)

وهذا كله يؤكد المقصد من وجوب سماع الخصوم مباشرة في مرحلة السماع واستجواب كل خصم لخصمه لاستخلاص ما يريد من وقائع او حقائق او معلومات تفيد دعواه من خلال خصمه مباشرة . فالخصم يستفيد من استجواب خصمه بصورة مباشرة ، كما تكون نتيجة (استجواب خصمه) مفيدة له في (اعادة اسجواب) الشهود بناء علي ما تحصل عليه من وقائع او اقرار او مسائل تفيد قضيته 0

وعلي ضؤ ذلك فان مسالة (ان يسمع الخصم شخصيا ويستجوب من خصمه شخصيا ) هي ركن اساسي من اركان السماع وعدالته وعدالة الاجراءات وسلامة الحكم في نهاية المطاف ، ويلاحظ ان كثير من المحاكم تغفل او تهمل سماع الخصم شخصيا قبل سماع شهوده و تقديم ادلته ، او لا تقوم بسماعه باعتبار ان (اقواله ليست ببينة) وهو اجراء غير سديد لان سماع الخصم ثم استجوابه من خصمه الاخر حسب معرفة كل منها للاخر ومعرفة تفاصيل وموضوع النزاع بينهما قد ينتج عنها بينة ، اقرار لصالح الطرف الاخر او ايضاح او بيان لواقع او وقائع كانت مجهولة ولا يجليها الا (الخصم نفسه) ، بما يجعل من سماع الخصم واستجوابه من اقوي الحقوق الاجرائية والاثباتية في مرحلة السماع والتي قد يترتب عليها حسم كثير من مسائل النزاع ، حتي دون حاجة لسماع بينة وادلة محايدة حولها 0 

كما يلاحظ ان كثير من المحاكم تسمع في مرحلة السماع (وكيل الخصومة) مكان الخصم ( وليس الخصم نفسه ) ، ويكون وكيل الخصومة في الغالب ليس بطرف ملم او عالم بكل تفاصيل الخصومة وحقائقها كما يعلمها الاصيل ، او لا يعلم ابتداء عنها اي معلومة ، وفي تقديري ان هذا الامر له تاثير ضار علي الخصم الاخر في مرحلة السماع لانه يستجوب في الغالب الاعم وكيل خصومة قد لا يدرك شيئا او لا يعلم كثيرا من حقائق وتفاصيل الخصومة وبالتالي لا يستفيد الخصم من استجوابه ولا يتحقق المقصد التشريعي الذي عناه المشرع من ضرورة ( سماع الخصم بشخصه) واتاحة الفرصة لخصمه لاستجوابه وان كان ظهور وكيل الخصومة جائز كتمثيل للخصم الا انه في السماع لا يفيد ولا تتحقق معه مقاصد م 83(1) ، 91(1) اجراءات مدنية السالف مناقشتها 0

كما افرزت التجربة العملية التطبيقية في السماع ان (سماع الخصوم) بوصفه اجراء اوجبه القانون لاهميته في مرحلة السماع ، بحسب المناقشة السالف ذكرها ، يؤثر في حالات سلامة السماع وسلامة الحكم (بالتبعية) ويدخل في كثير من الاحيان في اطار (سؤ استغلال الاجراءات) فالمسالة في مرحلة السماع تكون علي وجهين :

الاول: ان تسمع اقوال الخصم مدعي الخصومة ( رافع الدعوي ) باعتباره الخصم المطلوب سماعه بموجب م 83(1) اجراءات ، ورغم انه خصم الا انه في واقع الحال لا يدرك تفاصيل النزاع او كثير من الوقائع او الحقائق او المسائل او لا المام له بكثير من التفاصيل التي يستطيع الاجابة عنها او تقديم افادة وافية عنها عند استجوابه بواسطة (خصمه) بموجب المادة 91(1) اجراءات مدنية لسنة 1983م ، والعلة في ذلك واضحة وهي انه (مجرد مدعي خصومة) ولم يكن الطرف المباشر للتصرفات او الوقائع التي ترتبت عليها الخصومة لانها تمت علي يد (وكيله او نائبه) والذي باشر كل التصرفات وترتبت كل الوقائع معه مباشرة من خلال (هذه الوكالة او الانابة) وبالتالي فاللعدالة ولسلامة السماع والاستجواب للخصم فالمفترض ان تسمع اقوال الوكيل الذي تمت التصرفات والوقائع محل النزاع علي يديه باعتباره (المعبر عن الخصومة في الوقائع) ، وبالتالي يمكن ، عند (استجوابه) بواسطة خصمه الاخر بموجب 91(1) اجراءات ، استجلاء واستنباط ما يريده الخصم من حقائق واقرار ووقائع ومسائل ادركها من خلال تعبيره عن الخصومة من خلال التصاقه بالوقائع  0

الثاني: ان تسمع اقوال وكيل الخصومة في السماع ويكون مجرد وكيل خصومة وليس بطرف مباشر في الوقائع التي نشأت بسببها او عنها الخصومة ولا يدرك كثير من الوقائع او الحقائق المرتبطة بها لانه لم يكن طرف فيها ومجرد سماعه كنائب خصومة لا يتيح للخصم من خلال استجوابه تحت م 91(1) الاستفادة من (استجوابه) الحصول علي اي حقائق او وقائع تفيد قضيته من خلال هذا الاستجواب بما يعني حرمان الخصم الاخر من الاستفادة من استجواب خصمه ، لان الوكيل الذي يستجوب انابة عنه ليس لديه اجابة عن حقائق ووقائع لم يكن طرفا مباشرا فيها الامر الذي يستوجب في هذه الحالة ، في السماع ، ان يستدعي الخصم بشخصه وليس وكيله في الخصومة حتي يكون الاستجواب محققا لغرضه الذي فرضه المشرع كحق للخصم للتوصل من خلال ذلك الاستجواب الي حقائق ووقائع لا يستجليها الا من من كان طرفا مباشرا في الوقائع وحقائق الخصومة ومباشرا لها 0

وقد اوضحت التجربة والتطبيق والممارسة الفعلية في السماع وجود هذا الخلل، تارة باستجواب مدعي الخصومة ، ويكون مجرد خصم ولكن ليس بطرف مباشر في الوقائع التي يراد استجوابه فيها ، بما يفقد استجواب خصمه له اي فائدة مرجوة من الاستجواب لان الوقائع باشرها وكيله ولم يباشرها الخصم نفسه ، وفي الحالة العكسية تسمع اقوال وكيل الخصومة بدلا من الخصم نفسه لمجرد (صفة الوكالة) رغم عدم المامه بالوقائع ولم يكن طرفا فيها لان (الاصيل) كان مباشراً لها بما يفقد الاستجواب لوكيل الخصومة ، بدلا عن الخصم الاصيل في الوقائع ، اي قيمة للاستجواب او اي فائدة مرجوة من هذا الاستجواب وفاقد الشيء لا يعطيه 0

وساضرب مثلا لحالتين عرضت امامنا حول الفرق بين سماع ( مدعي الخصومة الطرف المباشر في الوقائع محل الخصومة ) ، وبين سماع ( وكيله في الخصومة والذي لم يكن هو الطرف المباشر في الوقائع محل النزاع ) ، والفرق بين سماع ( وكيل الخصومة الذي كان الخصم والطرف المباشر في الوقائع محل النزاع انابة عن الاصيل بوصفه المباشر لوقائع النزاع وهو الملم بها ) وبين سماع ( مدعي الخصومة الذي لم يكن طرفا في هذه الوقائع رغم ان اثرها منصرف اليه ) والامثلة هي :

(1) في قضية من قضايا الاجارة قام الوكيل بكل اجراءات العقد وبكافة تصرفاته وكل وقائع النزاع المرتبطة به وكان وكيل المؤجر المدعي طرفا مباشرا فيها وكان الاصيل (غائبا خارج السودان) وعندما حدث النزاع حول الاجرة ومقدارها وحول عرض الاجرة رفعت الدعوي من الاصيل مدعي الخصومة ضد المدعي عليه المستأجر ، وهو اجراء مبدئي (صحيح) لان اثار العقد تسري وتنصرف الي طرفيه رغم ان الذي باشرها هو الوكيل ، الا انه في مرحلة سماع الدعوي وسماع الخصوم حضر مدعي الخصومة وقدم اقواله بنفسه دون ان يكون طرفا اصيلا في الوقائع ، وعند استجوابه من خصمه حول هذه الوقائع كانت كل اجاباته عند استجوابه بموجب م 91(1) اجراءات : لا ادري .... لا اعلم .... لا معرفة لي بموضوع عرض الاجرة .... لا ادري ان تم العرض قبل رفع الدعوي .... لا ادري تفاصيل الخلاف حول الزيادة في الاجرة ، ومن ثم طلب الخصم الاخر استجواب خصمه الحقيقي في الوقائع لسماعه ولاستجوابه وهو وكيل المؤجر الذي كان الطرف المباشر في الاجارة ووقائع النزاع ، وبالفعل تم استدعاء وكيل المؤجر وعند سماعه واستجوابه اقر بكثير من الوقائع لمصلحة الخصم الاخر لانه كان طرفا فيها في حين ان موكله الاصيل انكرها جميعا وكان لها الاثر في الحكم في الدعوي ، ولولا استجواب الوكيل ( الاصيل في الوقائع محل النزاع ) لما استطاع الخصم الاخر استجلاء هذه الوقائع التي كان طرفاها الوكيل عن الخصم والخصم الاخر وليس المدعي بالخصومة رافع الدعوي 0

(2) في قضية اخري سمع الوكيل بالخصومة في الدعوي ، بدلا عن الاصيل في الخصومة ، و كان الوكيل مجرد ممثل للاصيل في السماع وغير مدرك لكثير من الوقائع والمسائل والتي باشرها الاصيل بنفسه وطلب الخصم ان يمثل خصمه المدعي والطرف المباشر في الوقائع لسماعه واستجوابه بموجب م 83(1) ، 91(1) اجراءات لان (وكيل الخصومة) الذي سمع لم يكن طرفا في الوقائع المراد الاستجواب عنها ، وبالفعل استدعي الخصم الاصلي الذي كان طرفا مباشرا في الوقائع محل النزاع وعند سماعه واستجوابه اقر بكثير من الوقائع والمسائل التي استجوب فيها ولم يكن للوكيل في الخصومة امكانية الإجابة عليها او الإقرار بها او الرد عليها لانه لم يكن طرفا مباشرا فيها 0

ومن ثم أري ان الاصل في السماع هو ان يبدأ بموجب م 83(1) اجراءات بسماع الخصم المباشر بوقائع النزاع ابتداء لاهمية هذا السماع في عدالة الوقائع وسلامة الاجراءات ولعدالة الاستجواب الذي يمكن الخصم الاخر - بموجب م 91(1) اجراءات - من استجواب خصمه المباشر في الوقائع محل الخصومة لاستجلاء كل ما يريده من اقرار او وقائع او مسائل لا يدركها الخصم الذي لم يكن طرفا في هذه الوقائع سواء اكان هذا الخصم في الوقائع هو المدعي رافع الدعوي ، او وكيله اذا كان الوكيل هو الخصم المباشر في الوقائع انابة عن مدعي الخصومة وذلك لتحقيق مقاصد هذه المواد من عدالة سماع الخصوم وعدالة استجوابهم وان لا يكون سماع الخصوم الاطراف في الدعوي لمجرد انهم الخصوم حتي ولو كانوا علي جهل تام بالوقائع لان الذي كان طرفا مباشرا فيها هم وكلائهم المعبرين عن ارادتهم في الخصومة ، وايضا من الوجهة العكسية يجب ان لايكتفي بسماع وكيل الخصومة في مرحلة السماع في حين انه لم يكن طرفا في الوقائع المراد استجوابه فيها فلا تكفي صفة (وكيل الخصومة في الدعوي) لسماعه واستجوابه وانما يجب ان يكون وكيلا عن الاصيل في وقائع النزاع وطرفا مباشـرا كخصم وقائع وليس مجرد ممثل للظهور في الجلسة 0

و اضيف هنا ايضا بان هنالك في السماع امر مستقر هو ان الوكيل المعبر عن ارادة الاصيل ، بالنسبة للوقائع التي ترتب عليها النزاع وكان الوكيل هو الطرف المباشر فيها ، فانه يكون بمثابة خصم في الوقائع ويستجوب باعتباره الاصيل في الوقائع المعبر عن ارادة الاصيل في النزاع ، وبالتالي يمثل الخصومة في الوقائع ، اما وكيل الخصومة والتقاضي الذي لم يكن طرفا في الوقائع ، فصفته هي انه مجرد وكيل خصومة وليس خصم وقائع . هذا بالاضافة الي ان المستقر هو ان الوكيل المباشر للوقائع محل النزاع يستجوب كخصم وقائع ولا يعتبر شاهدا لانه طرف اصيل في الوقائع ، وهذا لا يمنع قبول اي اقوال منه كبينة ( شهادة ) من الوكيل ادركها أو وصلت الي علمه وادراكه بمعزل عن وكالته وبمعزل عن اتصاله بها كوكيل او تلقاها دون ان تكون لوكالته علاقة او اثر يجعلها مجرد تعبير عن ارادة الموكل ، مما يعني ان الوكيل (لا الاصيل في الوقائع ) هو اصيل في خصومة الوقائع  ولا يسري عليه وصف الشاهد ، اما ما يدركه بمعزل عن الوكالة فيكون شاهدا في معني م (23) من قانون الاثبات لسنة 1993م ، وهنالك العديد من السوابق حول المسالة ، ومما يؤكد المعني ان الخصم الذي يجب استجوابه وسؤاله في السماع هو الخصم في الوقائع ما نصت عليه م (54) من قانون الاثبات لسنة 1993م بان اليمين الحاسمة هي التي يوجهها الخصم لخصمه لاثبات واقعة محل نزاع ولا توجه بالتالي الا للخصم المباشر المرتبط بالواقعة وليس غيره 0

ثانيا: اعود بعد هذا الي الجزئية المتعلقة بظهور المحامي لثلاث جلسات والتي راي اخي ابراهيم حمدان ان المحامي لم يقصّر في اداء واجبه لانه حاول جادا الاتصال بموكليه وحالت ظروف خارجة عن ارادته لم تمكنه من الاتصال بهما وفي هذه الجزئية اختلف في (التسبيب) مع وجهة نظر اخوتي في الدائرة واري الآتي :

(1) في تقديري ان علي المحامي الذي يمثل الخصومة ان يؤدي واجبه نحو موكله في اطار بذل عناية وجهد لمصلحة موكله في الدعوي وفي ذات الوقت تفرض عليه وكالته القانونية كمحامي ان يتعامل في اداء واجبات وكالته بنفس القدر باعتبار ان المهنة والوكالة تفرضها عليه كوكيل خصومة قانوني وتتمثل في الآتي :

(أ) ان يكون ملما بكل التفاصيل عن موكله وكيفية الاتصال به في عنوان واضح ومحدد لان هذه من مقتضيات الوكالة والتمثيل القانوني لاخطار موكله اولا باول وليستدعي موكله الي المحكمة في اي جلسة يطلب فيها وألّا يكتفي بان تكون علاقة المحامي بموكله مجرد حضور الموكل الي مكتب المحامي ، فاذا لم يحضر يفقد الاتصال به ولا يتمكن من اخطاره او استدعائه للمحكمة للسماع او غيره من الاجراءات لمجرد ان الصلة مربوطة بحضور الموكل نفسه والا فلا صلة بينهما 0

(ب) لا يكفي ان يدعي المحامي انه بذل العناية والجهد لاخطار موكله بالسماع او اي اجراء مطلوب فيه الموكل امام المحكمة ، بل يجب اما ان يقدم الدليل علي بذل ذلك الجهد او يقدم اسباب منطقية ومعقولة وكافية تبرر القول بانه فقد الاتصال بموكله واستحال عليه ذلك بما يفترض عدم تقصيره وبالتالي يمكن قبول ان الخصم لم يعلم بالجلسة وغاب عنها لانه لا يعلم بها ويعذر المحامي فيما بذله من جهد للعثور عليه .

(ت) في تقديري وفي هذه القضية ان الاسباب التي اوردها المحامي لعدم تمكنه من اخطار موكليه بجلسة السماع لم تكن مقنعة فهو يعلم ان احد موكليه يقيم بصفة مؤقتة في (فندق) وكان المفروض ان يتحصل علي المعلومة التي تمكنه من الاتصال به وكيف يتصل به اذا غادر الفندق (عنوانه المؤقت) الذي يزول بخروجه من الفندق ، اما الفشل في الاتصالات به لعذر قطع الهاتف او التلفون او قفله فلا تقوم كحجة مقنعة لذلك الفشل طالما كان للمدعي عليهما عنوان ومحل عمل معلوم في كسلا ، وبل هما شخصين معلومين ومعروفي المكان والعنوان وبالتالي فمجرد حضور المحامي الجلسة ، وان كان جزء من واجب الوكالة ، الا انه في تقديري لا يمنع بان يسبب تعطيل الدعوي لثلاث جلسات بسبب عدم تمكنه من اخطار موكليه وجاءت اسبابه غير كافية وغير مقنعة ، وهذه الحالة تخضع لرقابة المحكمة لاداء المحامي، وكيل الخصومة، حمايةً لاطراف الخصومة من جهة ومراقبة لاداء وكيل الخصومة من جهة اخري ، وهذا ما عبرت عنه م (58) فقرة (3) اجراءات مدنية لسنة 1983م إذ اوجبت ، في اطار حماية الخصم الغائب الذي لم يعلن او يعلم بالجلسة ، اعلانه (شخصيا) اذا اهمل محاميه او فشل في اخطاره بمقتضيات الوكالة بما يدخل المحامي في التقصير في اداء واجبه القانوني بوصفه وكيل خصومة  يستوجب من المحكمة حماية الخصم بايقاف محاميه عن تمثيله واخطار الخصم الموكل (شخصيا) للمثول امام المحكمة ومباشرة الاجراءات بنفسه او تكليف محام اخر ان كان له مقتضي وليس  معاقبة الخصم علي تقصير محاميه ، لان واجب المحاكم من خلال مراقبة اداء وكلاء الخصومة هو أن تقوم بحماية الخصوم وليس معاقبتهم عن أخطاء او تقصير محاميهم او وكلاء الخصومة ، وقد عبر نص م  58(3) اجراء

 📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات

 بالضغط هنا ⚖️ أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا

♻️ شارك المنشور تكرما ♻️
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -