الحق في الاضراب عن العمل
أولا : تعريف الاضراب :-
الاضراب لغة: يعرف الاضراب لغة الكف عن شيء ويعرف بأنه الاعراض بعد الاقبال عن الشيء، أي الانتقال غرض الى آخر كالانتقال من العمل الى اللاعمل والانتقال من الطعام الى التوقف عن الطعام.
يُعرف الإضراب قانونا: بأنه هو التوقف عن العمل مع القصد وبصورة جماعية، أو أي تشويش منظّم لسير العمل المتواصل في مؤسسة او منظمة أو شركة او مصنع وتهدف الى الضغط على رب العمل او جهة الإدارة لحمله على تغيير سياسة معينة أو اقتضاء حقوق محددة.
واغلب الإضرابات تتولى النقابات العمالية او المهنية أمور تنظيمها ويكون الاضراب خيار أخير يلجأ إليه العمال بعد نفاذ جميع محاولاتهم لاقتضاء الحقوق ويكون الاضراب نوع من أنواع التهديد لحمل جهة الإدارة او رب العمل للانصياع لمطالب معينة ويكون بمثابة كرت ضغط يتم استخدمه اثناء المفاوضات الجماعية بين فئة العمال ورب العمل.
ثانيا: تاريخ ظهور الإضرابات :-
بدأت أهمية الإضرابات ابان الثورة الصناعية والزراعية والحاجة الى العمال في المصانع والمزارع والمناجم ويلجأ الى الاضراب أيضا من قبل الشعوب للضغط على الحكومات لحملها على تغيير سياساتها، او للضغط على حزب سياسي معين ويرجع تاريخ اول إضراب في تاريخ البشرية للعام 1152 ق.م في عهد الفراعنة ضد رمسيس الثالث في دير المدينة.
ثالثاً : أنواع وأصناف الإضرابات :-
يصنف إضرابات العمال بكثير من الاشكال والانواع وصور منها الاتي:
- اضراب الجلوس: أي ان يحتل العمال والموظفين مقال العمل ومكاتبهم ويتوقفون عن العمل ويرفضون الخروج من مقار العمل.
- الاضراب الجزئي أو التباطؤ: ويكون هذا النوع من الاضراب شكل جديد من أنواع الاضراب ويكون فيه الاضراب جزئيا عن العمل، وفي هذا النوع من الاضراب يلتزم فيه العمال والموظفين بأداء مهامهم الموكلة إليهم فقط بالحرف دون أي اجتهاد، ويتبعون فيه جميع تعليمات السلامة بالدرجة التي تعيق من سير العمل ويقلل من الإنتاجية.
- الإضرابات العامة: هذا النوع من الاضراب عدد من نقابات العمال في دولة محددة وبصورة جماعية تشارك فيه جميع العمال والموظفين.
- اضراب التعاطف: في هذا النوع من الاضراب يتعاطف فيه عمال وموظفي جهة او إدارة او شركة او مؤسسة محددة مع موظفي وعمال جهة أخرى والتعبير عن ذلك بشكل ملموس.
- اضراب الطلاب: وفي هذه الحالة يقوم طلاب جامعة او مدرسة محددة من التوقف عن الدراسة الى تحقيق مطالبهم ويحدث ذلك مثلا في حالة تعرض أحد الطلاب للمضايقة او ما الى ذلك من قبل إدارة مدرسة.
- اضراب مدعي المرض: ويكون ذلك في حالة رجال الشرطة والدفاع المدني ورجال إطفاء الحرائق الذين لا يجوز لهم عمل الاضراب والاعلان عنه لذلك يلجؤون لهذا النوع من الاضراب البارد وقد يتحصلون على تقارير طبية مضروبة، لإنجاح مسعاهم.
- الاضراب السياسي: يعتبر الاضراب سياسياً إذا أعلن عنها احتجاجاً على سياسة الدولة او الحكومة الخارجية أو الداخلية من دون أن يكون لهذه السياسة أثر مباشر على حقوق العمال، ومع أنه يمكن اللجوء الى وسائل سياسية لتحقيق أهداف مهنية، فإنه لا يجوز العكس أي اللجوء الى وسائل مهنية لتحقيق أهداف سياسية.
ومن أنواع الاضراب من حيث المشروعية الاتي:
- الاضراب المشروع: يعتبر الاضراب مشروعا وقانونيا (نظاميا) ان طانت من غاياته وأهدافه الحصول على مطالب مشروعة أو الدفاع عن مصالح مهنية بمعزل عن أي اعتبار سياسي او أي اعتبار آخر. ويجب ان يتحقق فيه شرطين شكلي واخر موضوعي ان يبدأ بعد فشل المفاوضات او يكون محدد المدة هذا من الناحية الشكلية ومن الناحية الموضوعية ان يكون الغاية مطالبة عن مصالح مهنية.
- الاضراب غير المشروع: وهو الذي لا تكون من غاياته وأهدافه المطالبة بتحسين شروط المهنة، ولا يلتزم الفترة التي حددها القانون، أي بعد مرحلة الوساطة والمفاوضة وقبل بدء مرحلة التحكيم.
رابعا : أغراض الاضراب :-
من أهم أغراض الاضراب عن العمل الاتي:
- حمل رب العمل على تحسين شروط العمل من حيث الأجور والبدلات وتهيئة ظروف العمل وتوفير وسائل التنقل والحماية والسكن وغيره من متطلبات الحياة الكريمة.
- إعادة التكافؤ بين فئتي الاجراء وارباب العمل وإزله الفوارق في الأجور بين الدرجات الوظيفية.
- تحقيق العدالة الاجتماعية.
خامسا : شروط الاضراب عن العمل :-
يشترط في الاضراب عن العمل ليكون قانوني الاتي:
- التوقف عن العمل دون رضاء صاحب العمل وهذا الفعل يعتبر الشرط المادي للإضراب ويجب ان يكون هذا التوقف لمدة قصيرة ومحددة لان الهدف والغاية هي لفت نظر وتنبيه رب العمل عن القصور.
- يجب ان يكون التوقف عن العمل عن قصد ومدبرا بصورة منظمة وجماعية وبصورة واضحة وقاطعة ودون مواربة بهدف تعليق العمل بغية التوصل الى شروط عمل محددة وهذا يعتبر الركن المعنوي للإضراب.
- ان يكون التوقف عن العمل جماعيا ولا يشترط ان يكون بقرار نقابي او جسم او اتحاد مهني، والجماعية لا تعني الكل وانما قد يتحقق بقيام الأغلبية ، حيث حددت المادة 29 من قانون عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم أحد شروط النزاع الجماعي بأن يكون أحد طرفيه جماعة من الاجراء وسواء كانت الجماعة المضربة كبيرة أم صغيرة، فإن المهم على هذا الصعيد هو أن تجمع أكثر من أجيرين ليصح النظر الى توقف هؤلاء عن العمل كإضراب بمعناه القانوني ، كذا اعتبرت المحكمة العليا الفرنسية (التمييز) في العام 1951م ان توقف عدد اجيرين عن العمل قد يشكل اضرابا حيث ان العبرة ليست بالعدد انما بالفكرة و القصد.
- ان يكون للإضراب هدف او غاية مهنية محددة مثل تحسين ظروف العمل ورفع الأجور وإنقاص ساعات العمل او الغرض منها حماية أصول المهن وتشجيعها ورفع مستواها أو الدفاع عن مصالحها والعمل على تقدّمها من جميع الوجوه الاقتصادية والصناعية والاجتماعية والتجارية، ويحظّر على النقابات العمالية الاشتغال بالسياسة والاشتراك في وتظاهرات سياسية، وبهذا يعتبر الاضراب أداة كفاح لاقتضاء الحقوق وانتزاعها.
سادسا : الاضراب في القوانين والدساتير والتشريعات والمعاهدات الدولية :-
أغلب القوانين والدساتير يجيز الاضراب باعتباره وسيلة من وسائل التعبير والاحتجاج على أوضاع معينة لا يمكن قبولها، ان بعض قوانين ودساتير بعض الدول تحظر الإضرابات لفئات محددة ومؤسسات طوارئ مهمة بالبلاد منها الشرطة والدفاع المدني والقضاء والنيابة العامة وأطباء الطوارئ لخطورة اضراب هذه الفئات على أمن وسلامة الدولة.
اما في الأنظمة الماركسية لا يتصور قيام الإضرابات وذلك لفرضية حاكمية فيئة العمال وحزب العمال على مفاصل الدولة في هذه الأنظمة.
ونصت العديد من الدساتير منها الدستور الفرنسي والبلجيكي واللبناني والإيطالي والاسباني وغيرها على جواز واحقية الاضراب للعمال.
اما على الصعيد الدولي والمعاهدات الدولية فقد نصت الميثاق الاجتماعي الأوروبي لسنة 1916 في المادة 31 منه على ان للعمال حق اللجوء الى الاضراب، كما ان اتفاقية العهد العالمية لسنة 1966م الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي صادق عليها السودان وكثير من الدول العربية ، اعترفت ونصت في المادة الثامنة منه بحق الاضراب ضمن الضوابط القانونية للعمل و كذلك نصت المادة العاشرة من الاتفاقية العربية رقم ثمانية من العام 1966 م المعدّلة للعام 1977م بشأن الحقوق والحريات النقابية والعمالية على أن : ( للعمال حق الاضراب للدفاع عن مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية بعد استنفاد طرق التفاوض القانونية لتحقيق هذه المصالح) ، أي اشترطت للدخول في الاضراب التحقق من شرطين ونفادهما الا وهما :
- استنفاذ طرق التفاوض القانونية مع رب العمل.
- وجود مصلحة اجتماعية او اقتصادية يتم الدفاع عنها.
وفي الأخير يرجع الي قوانين العمل والعمال الناظمة لشروط العمل من حيث قانونية الاضراب من عدم كل دولة على حدا وكذلك عقد العمل ولائحة عمل المؤسسات والشركات قد يتضمن الى شروط من شأنها فصل العامل في حالة الغياب عن العمل او رفض العمل وقد يختلف المدد باختلاف القوانين واللوائح المنظمة لها.
📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات