ان الحق في الوصول إلى الإنترنت  والذي يعرف أيضًا بالحق في (الموجة العريضة)  أو (حرية الاتصال) ، بات من حقوق الانسان الأساسية الذي لا غنى عنه لإنسان العصر الحديث حيث يرتبط تعليمه وعمله بالإنترنت واصبح الشبكة العنكبوتية من أهم الأدوات ولا سيما في التعبير ويعتبر حرمان الشخص الوصول للإنترنت جريمة معلوماتية يجب معاقبة مرتكبه او من يتسبب فيه ، و نابع من فكرة الرأي القائل بأن جميع الناس يجب أن يكونوا قادرين على الوصول إلى الإنترنت من أجل ممارسة الحق في حرية التعبير والرأي، وحقوق الإنسان الأساسية الأخرى، وبأن الدول تتحمل مسؤولية ضمان إتاحة الوصول إلى الإنترنت على نطاق واسع، وعلى الدول أن لا تقيد وصول الفرد إلى الإنترنت بشكل غير قانوني.
في شهر ديسمبر 2003م، عقدت القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS) تحت رعاية الأمم المتحدة. بعد مفاوضات مطولة بين الحكومات والشركات وممثلي المجتمع المدني، تم اعتماد إعلان مبادئ القمة العالمية لمجتمع المعلومات الذي أعاد التأكيد على أهمية مجتمع المعلومات في الحفاظ على حقوق الإنسان وتعزيزها.
في شهر مايو من سنة 2011م، قدم فرانك لا رو، مقرر الأمم المتحدة الخاص و المعني بحماية وتعزيز حقوق الانسان ولا سيما الحق في (حرية الرأي والتعبير) عبر الانترنت وحق الوصول الى الانترنت و المعلومات ، ورفع المقرر تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن حق جميع الأفراد في الوصول الى الانترنت و البحث عن المعلومات والأفكار بجميع اشكالها ، والتفاعل معها عبر المواقع و الشبكات الالكترونية ونقلها وتبادلها عبر الإنترنت. إذ قدّم التقرير عدد (88) توصية بشأن حماية وتعزيز حقوق الانسان و الحق في حرية التعبير عبر شبكة الإنترنت، ودعوة الدول إلى احترام هذه الحقوق، واعتماد قوانين لحماية حق الوصول الى الانترنت وحق التعبير عبر شبكة الانترنت.
في هذا العصر الذي يعرف بالعصر الرقمي وثورة الشبكة المعلوماتية يجب إيلاء أمر حق الوصول الى الإنترنت أهمية قصوى ولا سيما الاهتمام بالتشريعات التي تحمي المواطنين وتعزز حقهم في الوصول الى الانترنت مثلا قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007 م نصت في المادة الثانية منه بعنوان "تطبيق" على الاتي : (تطبق أحكام هذا القانون على أي من الجرائم المنصوص عليها فيـه إذا ارتكبت كلياً أو جزئيا ًداخل أو خارج السودان أو امتد أثرها ًداخل السودان وسواء كان الفاعل أصلياً أو شريكاً أو محرضاً على أن تكون تلك الجرائم معاقباً عليها خارج السودان مع مراعاة المبادئ العامة الواردة في القانون الجنائي لسنة 1991م ).
وعرفت " المعلوماتية " : بأنها يقصد بها نظم وشبكات ووسائل المعلومات ، البرمجيات والحواسيب والانترنت والأنشطة المتعلقة بها.
ونصت المادة (9) من ذات القانون على جريمة "إعاقة أو تشويش أو تعطيل الوصول للخدمة": ( كل من يعوق أو يشوش أو يعطل عمداً ، وبأي وسيله ، الوصول إلى الخدمة أو الدخول إلى الأجهـزة أو البرامج أو مصـادر البيانات أو المعلومات عن طريق شبكة المعلومات أو أحد أجهزة الحاسـوب أو ما في حكمها ، يعاقب بالسجن مـدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً).
جرمت المادة المذكورة بعاليه إعاقة الوصول الى الإنترنت وعاقب مرتكبه بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة أو بالعقوبتين معا.
بالرغم من ذلك يتم الأمر بقطع خدمة الانترنت في السودان ولا احد يحرك ساكنا ، الا ما نذر يكون هناك دعاوى بسيطة هنا وهناك تطالب بحقوق مدنية أي ما فاتهم من كسب بسبب انقطاع الانترنت وغالب تلك الدعاوي يكون في مواجهات شركات الاتصالات (زين سوداني MTN ) وتلك الشركات تدفع في المحاكم بأن هناك أمر من شخصيات نافذة في الدولة بقطع شبكة الانترنت ولا سيما عند الثورات منعا للتواصل والحشد ، ومن العجيب في الامر اصبح من الاعتيادي في السودان ان يقطع الانترنت عند دخول طلاب الثانوية العامة الى امتحانات الشهادة السودانية ، وعند الانقلابات ويكون الانترنت لأسابيع عددا دونما حسيب او عقاب يطول تلك الشخصيات الامرة بقطع الانترنت.
ويعزي بعض القانونيين ان قانون الجرائم الإلكترونية المعدل في السودان لا يفي بأهدافه و يفتقر القانون إلى تعريفات نقدية لمصطلحات مثل مصطلح (هيبة الدولة) والمؤسسات التي ستتولى التحكيم.
تجرم المادة (23) انتهاك خصوصية الافراد  إذا ارتكبها مواطن عادي ، وفقًا لقانون 2018، ولكن ليس إذا حدث انتهاك الخصوصية نتيجة لسلطة قضائية أو نيابة أو “سلطة معينة” أخرى. مرة أخرى، لا يوفر القانون أي توضيح بشأن ما الذي يحدد “السلطة المعينة” لانتهاك خصوصية المواطن. لذلك قد تقوم الدولة بتفعيل هذه المادة لانتهاك خصوصية أصوات المعارضة والناشطين. في الواقع، تم تعزيز الحق في انتهاك الخصوصية في تعديلات قانون الأمن القومي السوداني لعام 2020، المادة (25) يمكن أن ينتهك جهاز الأمن بشكل غير قانوني خصوصية المواطن دون طلب أي إذن بالإضافة سلطات الاستبداد تحرم المواطن من الوصول لشبكة الانترنت بشكل غير قانوني وضاربا عرض الحائط عن كل المواثيق والاعلانات الدولية التي تنادي بحق الوصول للإنترنت كحق أساسي من حقوق الانسان.
ومع ذلك يفشل المواطنين المنتهك حقوقهم من مقاضاة تلك الشخصيات التي تأمر بقطع الانترنت او لم يشرعوا في ذلك رهبة وخوفا من استبدادهم.
وفي القوانين المقارنة نجد القانون المصري ينص في القانون رقم 175 لسنة 2018م بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، عقوبات لجريمة "الاعتداء على سلامة الشبكة المعلوماتية "، حيث تنص المادة (21) منه على إنه: " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تسبب متعمدا في إيقاف شبكة معلوماتية عن العمل أو تعطيلها أو الحد من كفاءة عملها أو التشويش عليها أو إعاقتها أو اعتراض عملها أو أجرى بدون وجه حق معالجة إلكترونية للبيانات الخاصة بها.
وبهذا نكون قد توصلنا على ان هناك اجماع دولي في جميع قوانين المعلوماتية بتجريم من يقوم متعمدا بتعطيل شبكة الانترنت ويمنع ويحرم المواطنين من حق الوصول لشبكة الانترنت ، ولم يحدد هذه المواد فيئة معينة ولم تستثني أي أحد من دائرة التجريم حتى ولو كان شخصيات نافذة او غيرهم.
ومن حق أي أحد اللجوء للمحاكم و النيابات للإبلاغ عن تلك الجرائم جريمة "تعطيل خدمة الانترنت" ويجب على تلك المحاكم والنيابات التحقق في الامر ومعاقبة مرتكبيهم او الامر بذلك ، ويجب ان تكون العقوبات رادعة حتى يحقق الردع العام لمن يتسول له لاحقا بارتكاب تلك الجريمة.
ونرى نحن في " موقع خدمات قانونية" بضرورة تعديل قانون الجرائم المعلوماتية بما يحقق الحماية ويعزز من حق الوصول للإنترنت مع ضمان معاقبة الجناة الذين يأمرون او يقومون بقطع خدمة الانترنت وضمان إمكانية معاقبتهم  بحيث يكون النصوص أوضح من ذلك في هذا الامر مع تشديد العقوبات نظرا لأهمية حق الوصول للإنترنت.
ولا ينكر الا مكابر حاجة السودان الماسة الى اصلاح قانون الجرائم المعلوماتية حيث اصبح من الضروري سن قوانين يواكب التطور التكنلوجي بالبلاد.
ويجدر الإشارة الى  ان مجلس حقوق الانسان قرر ان الوصول الى الانترنت حق من حقوق الإنسان الأساسية  ويصف مصطلح "الحقوق الرقمية" حق من حقوق الإنسان التي تسمح للفرد بحق الوصول إلى الإعلام الرقمي واستخدامه وإنشائه ونشره أو الوصول إلى أجهزة الحاسوب وغيرها من الأجهزة الإلكترونية أو شبكات الاتصال واستخدامها. ويتعلق هذا المصطلح بشكل خاص بحماية وإعمال الحقوق الموجودة، مثل الحق في السرية أو حرية التعبير في سياق التقنيات الرقمية الجديدة، وخصوصًا شبكة الإنترنت. ويتم اعتبار الوصول إلى شبكة الإنترنت حقًا تكفله قوانين الدول المتعددة ، وتم وضع ميثاق دولى بحقوق الإنترنت على يد جمعية الاتصالات المتقدمة في ورشة عمل حقوق شبكة الإنترنت في جمعية الاتصالات المتقدمة بأوروبا، والتي تم عقدها في مدينة براغ، في فبراير عام 2001م. وهذا الميثاق يقوم على ميثاق الاتصالات الشعبي وهو يهدف إلى تطوير سبع أفكار رئيسية، هي: حق الوصول إلى الإنترنت للكافة، وحرية التعبير وحرية التنظيم، والوصول إلى المعارف والتعليم المشترك والتأليف - البرمجيات مفتوحة المصدر المجانية وتطوير التقنيات، والخصوصية والمراقبة والتشفير، وحوكمة الإنترنت، وحماية الوعي وإعمال الحقوق. وتذكر جمعية الاتصالات المتقدمة أن القدرة على مشاركة المعلومات والتواصل بحرية باستخدام شبكة الإنترنت أمر ضروري من أجل إعمال حقوق الإنسان على النحو المجسد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
لقد تم تحديد مجموعة من حقوق الإنسان على أنها ذات صلة بالأمر فيما يتعلق بشبكة الإنترنت. وهي تشتمل على ما يلي: حرية التعبير وحماية البيانات والخصوصية وحرية التنظيم. وبالإضافة إلى ذلك، تم تحديد الحق في التعليم والثنائية اللغوية وحقوق المستهلك وبناء القدرات في سياق حق التطوير كذلك. وقد تم وصف حقوق الإنسان بأنها (الرابط المفقود) بين المنهجيات المعتمدة على التقنيات وتلك المعتمدة على القيم فيما يتعلق بشبكة الإنترنت.
وشبكة الإنترنت عبارة عن سلعة عامة ودولية يجب أن تتاح للجميع مع احترام حقوق الآخرين. 
وفي حالات الأنظمة القمعية والاستبدادية التي تحظر الوصول إلى المعلومات والانترنت ووسائل التواصل والاتصال، يجب أن تعمل الدول والحكومات الديمقراطية على ضمان قدرة المواطنين على الوصول إلى شبكة الإنترنت وتبني المبادئ العامة التي تضمن احترام استخدام الشبكة لحقوق الإنسان العالمية.
تطبيقات ضمان إتاحة الوصول بشكل واسع النطاق و/أو منع القيود غير المقبولة التي تفرض في مواجهة المواطنين  حيث تبنت العديد من الدول والبلدان قوانين تفرض على الحكومات العمل لضمان إتاحة الوصول الى الانترنت  بشكل واسع و/أو منع الدولة من فرض قيود غير مقبولة وغير قانونية على قدرة الفرد للوصول إلى المعلومات وشبكة الإنترنت نذكر منها مثال لتطبيقات دول في حق الوصول للانترنت:
- دولة كوستاريكا: نص قرار للمحكمة العليا في دولة كوستاريكا صدر في الثلاثين من يوليو عام 2010م ما يلي: "دون الخوف من المراوغة، يمكن أن نقول إن هذه التقنيات (تقنيات المعلومات والاتصالات) قد أثرت على طريقة تواصل البشر، حيث سهلت الاتصال بين البشر والمؤسسات في مختلف أنحاء العالم، كما حدت من قيود المسافة والزمن. وفي هذا الوقت، أصبح الوصول إلى هذه التقنيات أداة أساسية لتسهيل ممارسة الحقوق الأساسية والمشاركة الديمقراطية (الديمقراطية عبر الإنترنت) وسيطرة المواطن والتعليم وحرية التفكير والتعبير والوصول إلى المعلومات والخدمات العامة المتاحة عبر الإنترنت والحق في التواصل مع الحكومة إلكترونيًا والشفافية الإدارية وغير ذلك. ويشتمل هذا على الحق الأساسي في الوصول إلى هذه التقنيات، خصوصًا، الحق في الوصول إلى شبكة الإنترنت أو شبكة الويب العالمية.".
- دولة إستونيا: في عام 2000م، أطلق البرلمان الاستوني برنامجًا ضخمًا لتوسيع القدرة على الوصول إلى شبكة الإنترنت في مختلف أنحاء الدولة. وتقول الحكومة الاستونية إن شبكة الإنترنت من الأمور الضرورية  للحياة في القرن الحادي والعشرين.
-دولة فنلندا: بحلول شهر يوليو عام 2010م، كان يحق لكل شخص في فنلندا الحصول على اتصال نطاق عريض بقدرة واحد ميجا بت في الثانية، وذلك حسب تصريح وزارة النقل والاتصالات الفنلندية. وبحلول عام 2015م، تم الوصول إلى 100 ميجابت في الثانية.
-دولة فرنسا: في يونيو عام 2009م، أعلن المجلس الدستوري الفرنسي، وهو أعلى محكمة في دولة فرنسا، أن القدرة على الوصول إلى شبكة الإنترنت هو حق أساسي من حقوق الإنسان في قرار شديد اللهجة ضاربًا بعرض الحائط أجزاءً من قانون الإنشاء والإنترنت (HADOPI)، وهو قانون يستخدم لتتبع من يسيء الاستخدام وقطع القدرة على الوصول إلى شبكة الإنترنت بدون مراجعة قضائية عن أولئك الذين يستمرون في تحميل مواد ضارة بعد إرسال عدد  تحذيرين إليهم.
 -دولة اليونان: البند 5(أ) من دستور دولة اليونان ينص على: ( أن كل الأشخاص يحق لهم المشاركة في مجتمع المعلومات وأن الدولة ملزمة بتسهيل إنتاج المعلومات التي يتم بثها بشكل إلكتروني وتبادلها ونشرها والوصول إليها. - دولة إسبانيا: بدءًا منذ العام 2011م، توجب على شركة تليفونيكا (Telefónica)، وهي الشركة الحكومية التي كانت تحتكر سابقًا والتي كانت تملك عقد (الخدمات الشاملة)  في دولة اسبانيا، أن تضمن توفير نطاق عريض بسعر "معقول" ويسير  بقدرة واحد ميجا بت في الثانية على الأقل في مختلف أرجاء دولة إسبانيا.
وتم استطلاع رأي مستخدمي شبكة الإنترنت العالميين لجمعية الإنترنت بإجراء مقابلات مباشرة مع أكثر من 10 آلاف مستخدم من مستخدمي شبكة الإنترنت في 20 دولة. بشأن الحقوق الرقمية والوصول إلى شبكة الإنترنت وكانت الجواب على سؤال (يجب أن يعتبر الوصول إلى شبكة الإنترنت حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان) عدد الإجابات (10,789) إجابة وجاءت نتيجة الاستطلاع (83% منهم يوافقون إلى حد ما أو بشدة، و 14% منهم  لا يوافقون إلى حد ما أو بشدة، و 3% منهم لا يعرفون الجواب) مما يعني ان السواد الأعظم  يعتقدون ان الوصول لشبكة الانترنت حق أساسي من حقوق الانسان.
اترك لنا رأيك بالأسفل في التعليقات هل تعتقد ان حق الوصول الى شبكة الانترنت حق من حقوق انسان العصر ويجب معاقبة من يحرم او يمنع ذلك بقطع خدمة الانترنت وماهي العقوبة التي تقترحها لمرتكبي تلك الجرائم؟
📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات بالضغط هنا ⚖️ أو للمتابعة عبر تطبيق "خدمات قانونية" قم بتحميله بالضغط هنا
♻️ شارك المنشور تكرما ♻️
📌لمتابعة جميع المقالات و الاخبار و الوظائف و الدورات التدريبية القانونية عبر قروبات "وعي قانوني" انضم لاحد القروبات
يجب علينا بوصفنا مسلمين ان نبحث كل القضايا والمستجدات وفق احكام الاسلام بعيداً عن ثقافة وحضارة وقوانين الغرب الكافر
إرسال ردحذف